Author

سلاحٌ في ترسانتنا لا نستخدمه!

|
* أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 457 *** * نحمد الله تعالى على سلامة مليكنا عبد الله بن عبد العزيز، فقد تابعت الأمّةُ أخبار عمليته الأخيرة بدقات القلوب.. الملك عبد الله دليلٌ على قوة الإرادة والعزم، فهو يقاوم وطأة المرض ويتحمل الآلام ويدير أمّة من أهم الأمم تأثيرا في اقتصاد العالم، ويتحمل مسؤولية أقدس بقاع الأرض لكل مسلم يمشي على الأرض بأي مكان ومن أي جنس. *** * حافز الجمعة: الظروفُ الخارجية واحدة أمام الناس وإن تفاوتت، وكلما شدّت الظروفُ إما أن تستسلم لها فتتحطم تماما وتدمّر وجودَك، وإما أن تقرر مواجهتها، فإذا هي تقويِّك وتملأ جداولَ التحدي داخل نفسك، فإذا الظروفُ الضاغطة قوة دافعة لأنك جعلتها خلفك، ولم ترضَ أن تكون أمامك تصدّك عن مباغيك. سلاحُنا في هذا التحدي ينبع من ترسانةٍ باطنةٍ في أذهاننا بداخلها سلاح هو قوة التحكم بالنفس. *** * أنا من محبي التجول بخانات تعريف الناس بأنفسهم بالتويتر والفيس بوك، سمِّه فضولاً إن شئت، ولكنه بالنسبة لي من الفِتَن، إنه أكثر من مجرد متعة بل افتتان. أنا مولع بكل إنسان، وأراه عالماً إعجازيا أمامي..عالمٌ كاملٌ من الإتمام الخلقي والفكري والنفسي والروحي والتصوري، وكل عالم من هذه العوالم يختلف عن الآخر، لذا أتابع الآلاف بالتويتر وأشعر أني بحاجةٍ للمزيد. وألاحظ إبداعا بوصف الذات بخانات التعريف. صفةٌ لم أجدها، وأستغرب لعدم أو ندرة وجودها. يصفون أنفسهم بالشجاعة أو الاهتمام بموضع معين، أو بعدم تحمل النفاق أو الكذب، والقراءة، وحب القهوة، والتولع بالشوكولاته، وحتى الهياطة والتخريف والحلطمة.. إلا صفةً واحدة جميلة لا أرى لها وصفا ذاتيا هي قوة التحكم بالنفس. قوة التحكم بالنفس تحدد كامل القرارات التي نأخذها بحياتنا. يصعقنا خبرٌ حزينٌ ثم يلفنا كإعصار ونصير بعينه، لأننا استسلمنا لقوة مساقِه، فلا خروج، إلا من يستطيع أن يتحكم بنفسه ليغير الجو الحزين إلى جو آخر فيه انتشالٌ من الحزن للسلوى والاعتبار والدافع لتفهم انعطافات هذه الحياة. نفشل مرة بل مرات، ثم ننزلق لمصيدة الفشل ونحكم على أنفسنا بالفشل أو قلة الحظ، وننسى أن نستخدم الترسانة القوية في داخلنا التي تؤوي قوة التحكم في النفس، إنها ترسانة لسلاح سحري يسخر كل التحديات والإعاقات إلى طاقاتٍ تدفع للأعلى.. جربوا ما في ترساناتكم الداخلية، فكما تصدأ وتتعطل الأسلحة في الترسانات.. فكذلك سلاح التحكم في النفس.. رجاء لا تتركوه ليتراكم عليه الغبار! *** * لسنا إدارة أنموذجية في البلاد.. لأننا لا نعتمد إرادة التحكم بالذات في مناصبنا العليا، قتتدرج للوظائف الأقل في سلم البناء الهيكلي الرسمي، فتأتي القرارات ومعظمها بعيد عن تلك الترسانة الخفية بسلاحها السحري، فتطغى قراراتٌ لا ترتقي بالأمة، قراراتٌ إما شكلية وإما ارتدادية أو مترددة، لأنها لا تنبع من الترسانة، بل تنبع من أشخاص تطلعاتهم أبعد ما تكون عن ترسانات الداخل.. تطلعاتٌ إما للإرضاء للمصلحة والهوى الشخصيين، وإما للاحتواء بأزمات وبوادر عواصف الاحتجاجات. ولأننا نأخذ القراراتِ التي لا توصف بالثبات والجدية، ولا تكون مسبوقة بإرادة العزم الحقيقي للبناء الحقيقي، فإننا نتخبط بقراراتٍ صنعناها ارتجالا وارتدادا وإرضاء، ثم تدفع ثمنها الأمة من ثروتها، من قدرات أجيالها، ومن مقدراتها.. حتى الآن لا نملك سياسة صحيحة للثروات الناضبة، فجفت مياهنا الجوفية، وتتعثر الصناعة المائية، ونستهلك بترولنا، وقد يأتي يوم - إن تصاعد بهذه المعدلات - نستهلكه كله ثم نتلمس المزيد من الخارج. نتعثر بقرارات من وزارات كالعمل وغيرها كبرى لا تمر حتى على المؤسسة التشريعية كالشورى، وهنا لا تدري من تلوم.. هل الوزارات التي لا تعتبر للمرور التشريعي، أم المجلس الذي كان يجب أن ينتزع حقه التشريعي؟ عندما تقع الأخطاء وتتفرق آراءُ الأمّة فالجميع ملومون.. "حافز" خرج بكرَم ملكي ثم صار غبارا يؤثر على رؤية القرار لأنه لم يطور لاستراتيجية نابعة من ترسانة التخطيط الجاد، وقضايا المعلمين والمعلمات.. وقضايا وقضايا. إن الترسانة الداخلية لنا موجودة، ويجب أن نستخدمها.. إن استمررنا في البعد عنها فستتوه بداخل ذواتنا ولن نعثر عليها.. وإن عثرنا عليها فلم نعد نستطيع استخدامها! *** والمهم: قوة التحكم بالذات معناها أن ننقذ أنفسنا من كمين المصالح والشهوات.
إنشرها