Author

رسالة إلى رجال الأعمال

|
تمر في حياة الإنسان فرص ثمينة ربما لا تتكرر في تاريخ حياته، وتمثل مثل هذه الفرص اختباراً حقيقياً لقدراته ووعيه وإقدامه، فإذا ما استغلها الاستغلال الأمثل أصبحت نقلة نوعية في مسيرته في هذه الحياة الدنيا وفي فوزه في الدار الآخرة. يقول وينستون تشرشل: يُصادف كل منا فرصة ذهبية وقتية إذا استثمرها غيرت تاريخ حياته، وهي في الواقع فرصته التي قد لا تتكرر. ولعل معظم رجال الأعمال البارزين، وهم كثر ولله الحمد، قد مر ببعض هذه الفرص وربما كان استثماره واحدة منها أو أكثر، سبباً في انضمامه إلى قائمة الموسرين والمتصدقين لا المتصدق عليهم. ولعل الحدث المؤلم الذي يطغى على الساحة الإعلامية هذه الأيام حول الإساءة لنبي الهدى والرحمة للعالمين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) - وإن كان أساسه باطلاً وطرحه ساقطاً وإشاعته خسراناً - إلا أنه يمثل فرصة سانحة لمن يريد أن يضع لنفسه بصمة تاريخية تبيض وجهه يوم يلقى ربه وترفعه قدراً في الحياة الدنيا .. فبعيداً عن ردود الفعل الانفعالية التي ربما لا تضيف قيمة لمعالجة الإساءة ودحر المغرضين وينتهي أثرها (هذا إن كان لها أثر إيجابي) في وقت قصير، أعتقد أن الرد الحضاري العقلاني الذي يحاكي لغة العصر ولغة طبقة المثقفين والمفكرين والرواد في المجتمع الغربي، يجب أن يكون المحور الأساس الذي نعتمد عليه في مثل هذه التحديات .. ففي تقديري أنه يمكن تحويل هذا التحدي إلى فرصة كبيرة لطرح فضائل ديننا الحنيف من العدالة والتسامح والمحبة والرقي بأتباعه ... إلخ. وطرح سيرته - صلى الله عليه وسلم - والنور الذي أنزل إليه فبدد الظلام ونشر إشعاع الهدى والرقي والسعادة والعدل والأمانة والتنمية والاستقامة ... إلخ. والفرص كما يقول الاقتصاديون تولد من رحم الأزمات، وهو حدث يمثل فرصة قد لا تتكرر يمكن اقتناصها من الموسرين ورجال الأعمال لإحداث تغيير نوعي في نشر النور والهدى الذي جاء به - صلوات الله وسلامه عليه - ولعل الساحة الحضارية تتسع لأكثر من فرصة وأكثر من مستثمر، فالترتيب لإقامة مؤتمرات علمية وندوات توعوية عنه - صلى الله عليه وسلم - في عدد من العواصم الغربية من جانب، بعد التنسيق مع الجهات المختصة، وإنشاء كراسي علمية في بعض الجامعات المرموقة عن الإسلام وما يتضمنه من مبادئ يمكن أن تصلح وتعالج ما يشوب مجتمع العولمة من تناقضات فكرية.. والطرح الإعلامي الموضوعي والمتعقل لمبادئ الإسلام وخصائصه في المجتمع الغربي، كلها استثمارات مردودها مضمون على المديين القصير والطويل وعوائدها عظيمة ونتائجها محمودة في السماء والأرض - بإذن الله. وهي في الواقع امتداد للبرامج التي رسمها خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - في تأصيل منهج الحوار بين الأديان. الذي أردت أن أقوله هو أن مثل هذه المشاريع النوعية الإيجابية الحضارية ستفضي - بإذن الله - إلى نتائج إيجابية في إظهار الحق والنور الذي جاء به رسول الهدى، ويُتوقع أن يكون أثرها بالغاً في خذلان وخسارة من جاء بالإفك، لأنه سيدرك عملياً أن فعلته المشينة آلت إلى ظهور الحق ودحر الباطل وتأصيل الدين الإسلامي بشكل مؤسسي في المجتمع الأمريكي خاصة، وفي مجتمع الغرب بوجه عام. وإذا ما تحقق ذلك فسيدرك رجال الأعمال والموسرون من أبناء الأمة، الذين وفقهم الله لمثل هذا الاستثمار، أن استثماراتهم آتت أكلها.. شكروا بها المنعم الذي وعد من شكره بالزيادة ''وإن شكرتم لأزيدنكم'' وساهموا في توعية البشرية ونشر العدالة وأعدوا العدة لأخراهم. وباختصار فإنني على قناعة تامة بأن هذه الحادثة تمثل فرصة لأرباب العقول من الموسرين قد لا تتكرر في تاريخ حياتهم القصيرة. فهل نحول التحديات إلى فرص؟ وهل يذهب أهل الدثور بالأجور؟ إنها حقا فرص تنافسية نوعية نادرة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. والله الموفق.
إنشرها