Author

اصطناع العدو

|
يعيب سلوك بعض المخلصين أفعال ليس من الحصافة أن تصدر عنهم، إذ هي تؤدي لاصطناع العداء هنا وهناك. حالة التحريض والتهييج التي تزدهر في مواقع التواصل الاجتماعي ضد شخص لمجرد أنه يقول رأيا مختلفا، لا يمكن أن تغير رأيه، بقدر ما تجعله يتحول من حالة الاختلاف في الرأي إلى حالة العداء. إن صورة الخلاف والاختلاف، والحوار الذي يقوم على التخويف والترهيب والتأويل، وزعم قراءة ما خلف السطور، وما يجول في النوايا، هو فعل لا يمكنه أن يخدم الهم العام، ولا يمكنه أن يحقق الأهداف التي يتوخاها هذا الإنسان أو ذاك. لا يمكن لعاقل أن يتخيل أن تأتي لشخص وتقول له إنك تشكك في هويته أو ولائه، ثم تتوقع منه أن ينساق إلى رأيك أو أن يحب ما تطرحه. ولا يمكنك أن تتحاور مع شخص من بلد عربي، تقول له إنك قد أصدرت حكما عليه وعلى والده بالفساد، ثم تطلب منه أن يكون منحازا لرأيك. من يتصور أن شتائمه وتهجمه الحاد من شأنه أن يخلق نسقا تصالحيا بهذه الطريقة، مكانه الطبيعي بين دفتي كتاب (أخبار الحمقى والمغفلين). لقد تابعتُ خلال الفترة الماضية أسماء لأناس كانت أصواتهم تخالف بهدوء، ثم عندما تزايدت عليهم الشتائم، تحولوا من مهاجمتهم لفكرة أو رؤية إلى مهاجمة مجتمع كامل بعلمائه ورموزه. وهذه خطيئة البادئ بالشتم.
إنشرها