Author

هل من الممكن أن تحدث «فضيحة اللايبور» عندنا؟

|
تناقلت وسائل الإعلام العالمية أخيراً فضيحة مالية كبيرة تتعلق بتلاعب مصارف عالمية بسعر اللايبور سُميت لاحقاً بـ "فضيحة اللايبور" بدأت ملامحها في مصرف باركليز البريطاني كلفته استقالة رئيس مجلس الإدارة واستقالة الرئيس التنفيذي ودفع تعويضات مالية أولية بقيمة 450 مليون دولار. وتوسعت دائرة الاتهامات والتحقيقات لتشمل حتى الآن عدداً كبيراً من كبار المصارف الأمريكية والأوروبية. وهناك توقعات بأنه ربما تتوسّع الدائرة لتشمل بعض المصارف المركزية، حيث تبين أن تلاعب المصارف بسعر "اللايبور" له جذور تعود لأكثر من 20 عاماً! للتعريف، هو سعر لمتوسط تكلفة الاقتراض فيما بين 18 من أكبر المصارف التجارية العالمية يتم نشره يومياً لعدد من العملات الرئيسة (بما فيها الدولار واليورو والين والجنيه) ولفترات تبدأ بليلة واحدة وحتى سنة واحدة. وتبرز أهميته في أنه السعر الذي يتم الاسترشاد به في تسعير القروض والتسهيلات المصرفية والمشتقات المالية والودائع الادخارية بقيمة تقدر بنحو 360 تريليون دولار. ويقابله في المملكة، سعر السايبور الذي هو سعر لتكلفة الاقتراض بالريال السعودي فيما بين المصارف التجارية العاملة في المملكة والذي في ضوئه تتحدّد أسعار القروض والتسهيلات المصرفية والودائع الادخارية بقيمة تقديرية لا تقل عن تريليوني ريال. من المُفترض أن يتحدد سعر اللايبور من خلال آلية العرض والطلب، لكن ما يحدث على أرض الواقع هو أن بعض المصارف العالمية تنسق جهودها مع بعضها بعضا لتتلاعب في آلية تسعيره بهدف تحقيق أرباح على حساب عملائها أو لإعطاء معلومات مضللة عن سلامة وضعها الائتماني. فعندما يرغبون في الاقتراض يتعمدون تخفيض سعره وعندما يرغبون في الإقراض يتعمدون رفع سعره (ولو بنقاط أساس بسيطة لكنها ستعني لهم الكثير) وهكذا يحققون أرباحاً من تذبذبات السعر المصطنعة، وهذه بالتأكيد فضيحة كبيرة جداً ستجبر السلطات المسؤولة عن السياسات النقدية في الدول الاقتصادية الكبرى على تطوير آلية تحديد السعر لمنع أي ثغرات وهو ما سيؤثر سلباً في ربحية المصارف العالمية مستقبلاً وربما سيكشف الوضع الائتماني الحقيقي لها. ويبرز التساؤل المهم: هل من الممكن أن تحدث ما يشبه "فضيحة اللايبور" عندنا في المملكة؟ للإجابة، يجب أن نعترف بأن مؤسسة النقد مشكورة تقوم بدور كبير في الرقابة على القطاع المصرفي السعودي (وتحديداً عمليات الخزانة) لمنع وجود تلاعبات مشابهة في أسعار السايبور قد تضر بالاقتصاد الوطني، لكن هذا لا يمنع من أن تحدث مثل هذه الممارسات دون علم المؤسسة، كأن يتم الاتفاق فيما بين المصارف على تحديد سعر السايبور بما يتماشى مع مصالحها أو على رفع هوامش الربح للقروض والتسهيلات والودائع الادخارية على حساب العملاء الذين يدفعون ثمن ذلك، وخصوصاً العملاء المقترضين الذين ليس من السهل عليهم تغيير المصرف الذي يتعاملون معه إما لصعوبة التغيير (كما هو الحال مع الأفراد الذين يحولون رواتبهم لمصرف محدد)، وإما حفاظاً على تاريخهم الائتماني (كما هو الحال مع الشركات والمؤسسات الفردية)!
إنشرها