Author

لماذا يرفضون إجازة اليومين؟

|

ليس جديداً طرح فكرة إجازة اليومين للقطاع الخاص، فمنذ زمن طويل وهي تراوح مكانها، لكن ردة الفعل الغاضبة، وكما هو متوقع، من قبل قطاع الأعمال كانت كبيرة، فالتجار يقولون إن تطبيق هذا القرار سيرفع التكلفة عليهم، وبالتالي سيحملونها للمستهلك في نهاية الأمر، أي أنهم وبصريح العبارة يضربون بالعصا التي يخشاها الجميع، سواء الحكومة أو حتى المواطنين، ألا وهي ارتفاع الأسعار. في ظني، أن التجار يهولون بطريقة مبالغ فيها، صحيح أن القرار قد تكون له بعض من السلبيات التي تنعكس على أصحاب الأعمال، وصحيح أن التاجر معذور وهو يبحث عن حماية مكتسباته بأي طريقة كانت، وبغض النظر ما إذا كانت وزارة العمل بإمكانها في النهاية مواجهة لوبي التجار القوي جدا وتحقيق نصر عليه أم لا، فيجب علينا أن نذكّر تجارنا الأعزاء أن ساعات العمل الأسبوعية للقطاع الخاص تصل إلى 48 ساعة تقريبا، وهي من أعلى المعدلات في العالم، مقابل 36 ساعة أسبوعيا في أوروبا و40 ساعة في الولايات المتحدة، وربما هو ما ينفّر الموظفين السعوديين من الاستمرار في العمل في القطاع الخاص، خاصة في ظل الظروف المناخية بالغة السوء في المنطقة مقارنة بدول العالم أجمع، كما أن مؤسسات وشركات القطاع الخاص تواجه تسربا من قبل الشباب السعودي، سببه الرئيسي هو إجازة اليوم الواحد الأسبوعية مقارنة باليومين، سواء في الوزارات والمؤسسات الحكومية، أو شبه الحكومية مثل ''أرامكو'' و''سابك''، أو القطاع الخاص كما البنوك مثلاً، وبما أن هذه القطاعات محدودة ولا يمكن لها أن تستوعب أكثر من مليون عاطل عن العمل حالياً، بحسب أرقام ''حافز'' الرسمية، فستبقى مشكلة التسرب قائمة، ناهيك عن الرغبة الفعلية في الوظيفة أساساً، بل إن هذا التسرب يكلف القطاع الخاص ما يوازي، إن لم يكن أكثر، تكلفة إجازة اليومين التي يفزع منها التجار. ومع احترامي وتقديري لكل الآراء التي تلوح بفزاعة ارتفاع الأسعار، فإن أي تغيير في الأسعار تحدده عوامل اقتصادية عدة يستطيع أن يتحكم فيها رب العمل في بعض الأحيان، مع التأكيد على أن احتمال ارتفاع الأسعار أمر وارد، ولكن ليس بالطريقة التي يتم تخويف الناس بها هنا، ولا بالنسب التي تطرح (الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية حددته بـ 15%). الكثير يخلط بين السلع الأساسية التي لا يستطيع التجار إطلاقاً اتخاذ قرار برفع سعرها إلا بموافقة حكومية، وبين سلع أو خدمات استهلاكية تخضع لقانون العرض والطلب، والسوق وحده هو الذي يحكم فيها، كما أن المستهلك هو من يعين التاجر على رفع الأسعار غير المنطقي، في حالة حدوثه. غدا تجري وزارة العمل لقاء تشاوريا مع أصحاب العمل والعمال، وأقترح أن تضع الوزارة في اعتبارها أن يدرس تطبيق القرار أولاً على الشركات الكبرى التي بدورها تستطيع تدوير موظفيها بحيث تقل التكلفة عليها بشكل كبير، على عكس ما سيحدث في قطاع التجزئة الذي سيكون الضرر فيه كبيراً على صاحب العمل، وربما في مرحلة لاحقة يمكن النظر لآليات أكثر حفظاً للأطراف كافة.

إنشرها