Author

من أين نبدأ؟

|
لا أشك أن الكرة السعودية تمر بأزمة ولّدت أزمات متتالية، لأن الخلل لم يتم إصلاحه منذ البداية بخطوات استراتيجية تنتزع المشكلة من جذورها، بل ذهب الآمرون الناهون إلى الاستعانة بضمادات ومسكنات تراكمت معها الأخطاء كما البكتيريا على الجروح المفتوحة. لم نكن نحتاج إلى الخروج من كأس العرب بعد فوز على الكويت وتعادل مع فلسطين، وخسارة أمام ليبيا حتى نعترف بأننا في أزمة، ولا أظن أن البطولة العربية مقياس للجودة لو فزنا بها أو دليل انتكاسة بعد أن خسرناها، وليس من العدل تحميل الهولندي فرانك رايكارد أو إدارة محمد المسحل ما يحدث، فهما جاءا في أسوأ الأوقات وأصعب الظروف، الأول وقّع عقده والأخضر على بعد أيام من معترك قوي، ولم يعرف من فريقه إلا لونه وتاريخه، وجاءته الطامة بخروجه من تصفيات كأس العالم، فلم يعد مقبولا ماذا يقول، ولا محمودا ما يفعل مهما قال وفعل. والآخر أتى بإفكار إدارية راقية وطموح عال، وكان الصبر قد نفد لدى الغالبية فأصبح الرجل كمن يناقش صدى صوته، ولا أظن في الرجلين من السوء ما يجيز الهجوم الإعلامي والشعبي عليهما، ويشاركهما في ذلك رئيسهما المشترك الأمير نواف بن فيصل، فقدره أيضا أن يرث التركة الثقيلة بكل ما فيها من إنجازات تحتفظ بها ذاكرة المشجعين وتحن إليها. وما تلاها من عثرات أقضت مضاجع المحبين، وقدمت الأخضر وجبة تلوكها ألسنة الساخرين ويتبارى الظرفاء على صياغة نكات من بطولته. قبل أن يفكر مسيرو الكرة السعودية في إعادة المنتخب الأول إلى الواجهة عبر تقاذف التهم بين أطراف عدة في الوسط الرياضي كما يحدث. أنصح بالتروي والحكمة، والتفكير الجاد في الأسباب التي آلت بنا إلى ما نحن عليه. الأمر يحتاج إلى ورقة وقلم، وكتابة الأسئلة التالية ثم الإجابة عليها: أين المشكلة؟ في الفكر، المنهجية، الأشخاص، الأدوار؟ من يتحمل تراجع مستوى اللاعب السعودي، وغياب المواهب على غرار الأجيال الماضية؟ المدرسة، الحي، الأندية وقطاعاتها السنية، الأنظمة، العاملون في الأندية؟. بعد 18 عاما على إقرار نظام الاحتراف السعودي، هل نحن أمام لائحة ومشروع ساهما في التطور أم أنه شكلي فقط؟ ثم نختم في الآخر بالسؤال العريض: أين القانون؟ اعتقد أن اسم الأندية سيكون حاضرا في أغلب الإجابات، وسيضع عليه الباحثون دائرة كبيرة، وكأنهم يقولون من هنا نبدأ، من هنا نبدأ في إعادة صياغة كرة القدم السعودية بخطة بعيدة المدى يؤمن أطرافها بقدراتهم، ويقدمون أنفسهم للوسط الرياضي بما ينتزع ثقة أطرافه، بمسؤولية كاملة تذوّب الذاتية في مسيرة عمل وطني جماعي جاد. عليك بالأندية يا نواف ابدأ منها، عليك بالأندية نظّمها من الداخل، أصدر قوانينا ملزمة تحدد عملها وتحكم سياساتها، وستنعم بمخرجاتها اللذيذة عندئذ.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها