Author

هل يتسبب العودة في مقتل هذا الرجل؟

|

ببساطة واستسهال منقطعي النظير، اكتفى الشيخ سلمان العودة بعرض رسالة من شاب سعودي عمره 23 عاما كشف فيها أنه ''سينتحر قريبا أمام محكمة حفر الباطن'' مضيفا في رسالته، التي غرد بها العودة لنحو مليون من متابعيه على موقع تويتر ''أرجو أن تقف بوجه من يقول إني مريض نفسي. أنا شاب قادر بدون عمل، محروم من خيرات بلادي''، انتهت الرسالة، وأعرض مَن غرّد بها عن التعليق ولو بحرف واحد، لم ينصح مرسلها بأن يتراجع عن نيّاته، فهل يتسبب العودة وهو الدكتور، الداعية، الشيخ، الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين، ومنظم الملتقيات الشبابية الداعية للحوار! في مقتل شاب سعودي دون أن يقوم بأقل القليل لثنيه عن الانتحار؟ انتظرت خمسة أيام منذ تغريدة العودة التحريضية، لعلّي أرى موقفا أو رأيا يحاول فيه ''العودة'' صرف هذا الشاب، وغيره، عن نيته. انتظرت لعلّي أفهم أن ''الشيخ'' ناصح الشاب ولو بطريقته الخاصة مثلا، إلا أن العودة رمى بتغريدته الكارثية ومضى. من يدري ربما تراجع العودة، كعادته التي عرف بها، عن مواقفه المثبتة والمعلنة، لصالح تشجيع الانتحار والموت، أين حديثه عندما قال إن ''قتل النفس محرم وكبيرة من كبائر الذنوب''؟ أليس هو من عدَّ الانتحار ''حراما وجريمة نكراء''؟ فكيف ينقلب فجأة ليبث رسالته هذه، وليذهب هذا الشاب للموت، طالما أن الانتحار يحقق الهدف وكفى؟! في مقالي هنا ''لماذا يريدون بوعزيزي في السعودية؟''، المنشور في 21 آذار (مارس) الماضي، استغربت تحريض البعض لمزيد من حالات الانتحار، أو ''تشريع الانتحار''، وذكرت أن بلادنا كما غيرها فيها من المشاكل الشيء الكثير، وعلينا جميعا المضي قدما للبحث عن حلول وكشف مواطن القصور، وبالتأكيد ليس من ضمن هذه الحلول التشجيع، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، على الانتحار. أما مع تغريدة العودة هذه، فنحن أمام مشهد غريب في زمن غريب تتلاقى فيه المتناقضات وتتشابه فيه الأضداد، فـ ''الشيخ'' يتفرج على شاب يفصح عن نيته قتل نفسه، ليس هذا فحسب، بل يعرض الموقف في رسالة لا تحتمل التأويل، بأن من أراد الانتحار فما المانع، طالما الغاية، وما أقبحها من غاية، تبرر الوسيلة، ولا يهم ما هي الوسيلة. من قرأ كتاب العودة ''أسئلة الثورة''، يرى كميات التحريض المهولة والإسقاطات غير البريئة التي رماها، بإشارة هنا وبتلميحة هناك. ليس سرًا أن هناك بيننا مَن يحرض على شيء من الثورة في السعودية، ومع ذلك فهو لا يقولها حقيقة، بل يتلاعب بالألفاظ ليفهمها من أراد ذلك، وليتجاوز عنها مَن يرفضها. في حين أن العودة يدافع عن آرائه ببراءة، مفضوحة، عندما يقول ''الكتاب ليس كما يظن البعض دعوة للثورة، وإنما هو مجرد حديث معتدل عن جانبها الإيجابي وجوانبها السلبية في الوقت نفسه''، ولا أعلم إذا ما كان العودة يقصد كتابه هذا تحديدا أو كتابا آخر غير الذي قرأناه جميعًا. فعلًا يتغير الجمهور وتتبدل المبادئ، إلا أن الغاية لا تتغير أبدًا لدى البعض!

إنشرها