default Author

سر الإعلان الخفي!

|
في الحرب العالمية الثانية وبعد أن كثر ضرب الطيارين للطائرات الصديقة صمّم العلماء جهازاً يساعد الطيارين على التمييز بين الطائرات الصديقة وطائرات العدو، على أن يتم ذلك بسرعة وبدقة لتفادي الأخطاء أطلقوا عليه اسم (تاتشيستوسكوب)، وهذا الجهاز يشبه جهاز العرض السينمائي، ويعمل على إظهار الصور بسرعات متفاوتة تصل إلى 100 جزء من الثانية، ومن ثم يقوم العلماء بدراسة ردود فعل الأشخاص بعد مشاهدة العرض، والمدهش أنهم وجدوا استجابة عالية رغم عرض الصور بلمحات خاطفة، وبزيادة السرعة حتى 300 جزء من الثانية وجدوا أن بإمكان الإنسان وحتى الحيوان إدراك الصور والأشكال والتأثر بها. وهذا ما جعل جيمس فيساري المتخصّص في مجال التسويق ينفذ فكرته المجنونة عام 1957 والتي دفع حياته ثمناً لها، حيث استخدم الجهاز السابق في إحدى دور السينما في نيويورك ليعرض عبارات خاطفة كل خمس ثوان على الشاشة أثناء عرض الفيلم، ورغم أن المشاهدين لم يلحظوا ذلك بعيونهم ولكنها أثرت فيهم نفسيا، حيث زاد دخل دار العرض بشكل كبير خلال شهر من كثرة شراء الناس للمشروبات والبوب كورن، فماذا كانت تلك العبارات؟ (هل أنت عطشان؟ اشرب كوكا كولا.. هل أنت جائع؟ تناول البوب كورن). بعدها راح يتنقل بين المؤسسات والشركات الكبيرة عارضا فكرته ''الإعلان الخفي''، ونال هذا الاكتشاف اهتمام الناس، وبدأ ''فيساري'' يظهر على الشاشات لنشر فكرته، ولكن مجلس الشيوخ الأمريكي الذي تنبّه لخطورة هذه الوسيلة باكراً عارض الفكرة، وأمام هذا الضغط الرسمي ظهر على شاشة التلفزيون ليعلن للناس (أن ابتكاره ليس له ذلك التأثير في عقول الناس، وأنه بالغ في دراسته)، وكان يبدو عليه أثناء الحديث أنه مرغم على ما يقول، وبعدها بأيام عدة اختفى دون أي أثر، كما اختفت أمواله وممتلكاته، وبدا منزله خالياً من أي أثر له وكأنه لم يعش فيه يوماً!! وعلى الرغم من ذلك ظل استخدام هذه الوسائل الخفية قائماً واستخدم في الإعلانات المصورة والمسموعة. وفي عام 1979 ابتكر البروفيسور ''هال بيكر'' جهازاً شبيهاً بالجهاز السابق، ولكن تأثيره يتم عن طريق بث العبارات المؤثرة خلال الموسيقى التي تبث لزبائن المحال التجارية وتحمل بين طياتها رسائل خفية للحد من السرقات مثل (أنا نزيه! إذا سرقت سأدخل السجن)، كما استخدمت في العلاج النفسي كبديل فعال للتنويم المغناطيسي، وفي السجون للحد من العنف وأعمال الشغب. ورغم فوائدها إلا أنها تعتبر سلاحاً خطيراً لتدمير العقول والسيطرة عليها وتغيير القناعات وتوجيه الناس إلى ما تريده القوى الخفية المسيطرة، والأخطر استخدامها للسيطرة على الأطفال. وما زالت هذه الظاهرة العجيبة تشغل العلماء، وأجريت عليها دراسات عديدة، حيث ظهرت نتائج مذهلة تثبت صحة وجود مستويات متعددة من الوعي لدى الإنسان تحدث حتى في حالة النوم والتخدير العام والغيبوبة وتسمى ''الإدراك الخفي'' الذي من خلاله نستطيع إدراك أمور كثيرة دون استخدام أي من حواسنا الخمس العادية، فنحن نتعرض يوميا لآلاف من المؤثرات التي تصل إلينا على شكل أصوات أو صور أو حتى روائح، أو على صورة موجات وإشعاعات أقل أو أعلى من مستوى إدراك حواسنا التقليدية فنتفاعل معها ونستجيب لها بعقلنا الباطن فيتغير سلوكنا وتتبدل مشاعرنا وحالتنا الصحية.
إنشرها