Author

الجودة.. إنجاز سريع بأقل التكاليف!

|
من المؤكد أننا لم نكن نهتم بالجودة خلال السنوات الماضية.. وإلا لما كانت المباني والمرافق العامة التي أنشئت سواء للسكن الشخصي أو للدوائر الحكومية، وخاصة المستشفيات والمدارس والطرق على النحو الذي نراه الآن.. والذي هدّد ويهدّد أرواح البشر فكم من مبنى سقط أو احترق لعدم توافر الحد الأدنى من شروط السلامة فيه، وكم من طريق تحول إلى حفر بعد فترة قصيرة من رصفه.. ولو كانت لدينا اشتراطات على الجودة وحرص على تطبيقها لما امتلأت أسواقنا بأقل البضائع جودة .. تجلب إلينا من جميع أنحاء العالم .. بطلب من بعض تجارنا الذين لا يهمهم إلا زيادة نسبة الربح، ومثلها تلك العمالة التي يستقدمها ــ مع الأسف ــ مواطنون يدعون الوطنية ثم يأتون بعمالة لا تخصص لديها ويتركونها تتجوّل في الشوارع وتتعلم المهنة التي تريد ولا تتقنها وإنما تفسد أكثر مما تصلح!! وعلى المستوى الإداري وهو موضوع حديثنا اليوم، لم يكن لإدارة الجودة أي اهتمام، ولذا فإن أعمالنا تنفذ بأعلى التكاليف وبأقل مستوى من الجودة وببطء شديد.. ومَن أراد البرهان على ذلك، فليراجع أقرب دائرة حكومية أو حتى بعض الشركات المساهمة التي تدار بالعقلية نفسها!! ولعل هذه الصورة القاتمة تكون للماضي والحاضر فقط.. أما المستقبل فإن من المؤمل أن نعيد النظر في الخدمات المقدمة للمواطن من قبل القطاعين العام والخاص سواء كانت هذه الخدمة سلعة ملموسة أو خدمة إدارية أو طبية أو تعليمية. ويمكن استحضار تجارب محلية قليلة في جهات حققت نجاحاً في تطبيق برامج للجودة، ومنها: ''أرامكو''، و''سابك''، والشركة السعودية للكهرباء التي عقدت الأسبوع الماضي ملتقى للجودة تحت شعار ''نحو التميُّز المؤسسي''، ولقد تجلت الجودة في حفل افتتاح الملتقى الذي كان مختصراً ثم تتابعت المناقشات على شكل ورش عمل متخصّصة.. على عكس بعض المؤتمرات التي يستغرق افتتاحها ساعات طويلة تعطل خلالها أعمال المسؤولين الحاضرين لها، ويشغل جزء منها بخطابات عامة ومكررة وبتكريم الرعاة الذين يكفي وضع أسمائهم في كل زاوية من زوايا قاعة الاحتفال.. وعند بدء المناقشات الجادة والمتخصّصة لا نجد إلا عدداً قليلاً.. لأن معظم الحاضرين قد انصرفوا بعد ملل ومعاناة حفل الافتتاح!! وبالعودة إلى تجربة الشركة السعودية للكهرباء في تطبيق برنامج الجودة الشاملة نجد أن النتائج، حسب تأكيد المسؤولين في الشركة، كانت توفيراً في الإنفاق وزيادة في الإنتاجية وتحسيناً في نوعية الإنتاج حتى لقد بلغ التوفير خلال عشر سنوات من تطبيق البرنامج نحو 700 مليون ريال .. ونتج عن تطبيق البرنامج أيضاً خلق بيئة عمل تنافسية تمكن خلالها الموظفون أنفسهم من تطوير بعض أعمالهم ما أدى إلى تنفيذها بأقل التكاليف، ومن هنا جاء التوفير الذي أشرنا إليه. وأخيراً: لا بد من جهة ترعى الجودة والتميُّز والإبداع.. سواء في القطاع الحكومي أو في القطاع الخاص .. حيث تضع البرامج الاستراتيجية وتتصل بالجهات المختلفة لتطبيقها، وتعقد ورش العمل لشرحها ومتابعتها، ثم تكرم كل عام المبدعين والمتفوقين في مختلف الجهات الحكومية والخاصة.
إنشرها