Author

مسألة رسوم الأراضي قائمة إلى أن يزول الضرر (2 من 2)

|
إن فرض رسوم على الأراضي بشروط معينة وجباية الزكاة على العقار عند البيع لن تكونا كافيتين لحل أزمة الأراضي وغلاء أسعارها، وقبل مراجعة بعض الحلول نرجع إلى ضرورة مراجعة الفتوى الصادرة من هيئة كبار العلماء. وبمراجعة ''أعلام الموقعين من رب العالمين'' للعلامة ابن القيم - رحمه الله - في فصل تغيير الفتوى واختلافها بحسب تغيير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد بناء الشريعة على مصالح العباد في المعاش والمعاد ''هذا فصل عظيم النفع جدا وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليها ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به، فإن الشريعة وبناءها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت من العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله - صلى الله عليه وسلم - أتم دلالة وأصدقها.. رحم الله الفقيه. فأين المنفعة ومن هم المنتفعون في عدم جواز فرض رسوم على الأراضي؟ وأين المصلحة العامة في ذلك، وأين الاستفادة من الشرع إذا حمينا مصالح فئة قليلة على حساب عامة الناس، وأين رحمة الشريعة فيما كان أصله ملك للدولة، أي عامة الناس. ولقد اقترحت أن تسترجع الدولة منحها الأراضي الموات التي مر عليها أكثر من ثلاث سنوات ولم تُحيْ أو تعمر من الأفراد أو الجهات الحكومية وتمنحها إلى الأمانات المعنية لتوزيعها على المواطنين وتتكفل الدولة بالبنية التحتية لجميع المخططات التابعة للأمانات والمخططات الخاصة مقابل الحصول على جزء يُحدد من هذه المخططات، إذا رغب مالكوها، وإلا قاموا هم بذلك حسب مواصفات الدولة، وأن تتحمل الدولة تكاليف إيصال الكهرباء إلى هذه المخططات وليس شركة الكهرباء، وإلا فنحن نطلب المستحيل. كذلك ينبغي على الدولة أن تلزم شركة أرامكو - وزارة البترول والثروة المعدنية - أن تجتمع سنويا مع وزارة الشؤون البلدية والقروية لمراجعة الأراضي التي لا تحتاج إليها ''أرامكو'' وما زالت تحت ملكيتها خصوصا القريبة من العمران في المنطقة الشرقية، فإما أن ''أرامكو'' تحتاج إليها لمستودعاتها ومبانيها أو تنقيبها وخلافه وإما أن تعيدها إلى الأمانات فورا، فالمواطن أولى بهذه الأراضي ما دام انتهى الغرض الأساسي من منحها لشركة أرامكو، وليس من حقها حبس هذه الأراضي بعد انتهاء الغرض منها. وأكرر أن تعود هذه الأراضي للأمانات لتوزيعها على المواطنين الذين لا ملك لهم كافة وبمساحات لا تزيد على 500 متر مربع. كذلك تنشئ الدولة صندوقا لمساعدة المواطنين على دفع جزء من الإيجارات للذين لا يملكون شقة أو دارا، ويكون ذلك من رسوم الأراضي الجديدة التي ينبغي أن تكون نحو 50 ريالا لكل متر مربع زاد على خمسة آلاف متر مربع لكل مالك، وذلك حسب المساحة ما دامت المساحة غير مستغلة. ألم يلاحظ القارئ كثرة من يطلبون المساعدة من أبناء الوطن والمقيمين لزيادة الإيجارات عليهم دون رحمة. نحن لا نطالب بعدم رفع الإيجارات ولكن تكون معقولة، فلماذا يرفع المالك الإيجار على مستأجر بنسبة 20 إلى 30 في المائة لمرة واحدة في السنة وبنايته قديمة متحججا بسعر السوق. كنت أتوقع أن يصدر قرار من مجلس الوزراء بعدم زيادة الإيجار على أي مستأجر بأكثر من 3 إلى 5 في المائة في السنة إلا إذا ترك المستأجر سكنه باختياره وليس بحيل المالك، فعندئذ للمالك الحق في تحديد إيجاره للمستأجر الجديد. أما المبنى الجديد فللمالك أن يؤجره بما يشاء وذلك حسب السوق، ولكن لا يمكنه زيادة الأجرة على العقد إلا بالنسبة المقررة من الدولة. إن تقديم مساعدة في الإيجار للبائس الفقير من المواطنين وحتى المقيمين من هذا الصندوق المقترح ستنفع العباد كثيرا وتشيع الشعور بالرحمة. قد يرفض البعض هذا الاقتراح اليوم كما رفضوا إنشاء صندوق الموارد البشرية سابقا ونرى ما يقوم به من إنجازات، وليتهم يجعلون رسومه 100 ريال شهريا وليس 150 ريالا سنويا ويمددوا فترة المشاركة من الصندوق وأن يدخلوا في برامجهم حتى من سبق له العمل من الجنسين. كفانا لعبة الشطرنج فإنها لن تنتهي. بعض الأمانات ليس لديها أراضي لأنها خصصت أو منحت والمدارس ليس لديها مواقع والمدارس المؤجرة أكثر من 40 في المائة في مكة المكرمة وأكثر من 55 في المائة في جدة وبلغ عدد الطلبة والطالبات في الفصول أكثر من 40 طالبا، فهل هذه فصول دراسية أم علب سردين حتى أن بعض المدارس المؤجرة حولت المطابخ إلى فصول دراسية. وزارة الصحة لا تجد أراضي للمستشفيات والمراكز الصحية والوزارتان تحصلان على مخصصات دون وجود معظم الأراضي ولا يسمح لها بشراء الأراضي، وتقوم الأمانات بالسفلتة دون وجود البنية التحتية، وحتى البنك العقاري يعلن أن أكثر من 50 ألف قرض لا يملك أصحابها أراضي، والسيناريو مستمر والمواطن يعيش على الآمال والإيجار، فإلى متى تقبل الدولة بهذا المسلسل الذي لن يحل قضايا الإسكان ويرحم العباد. نريد حلولا جذرية ونريد أراضي متوافرة للمواطنين بالبنية التحتية والكهرباء داخل النطاق العمراني.. فهل من مجيب؟
إنشرها