Author

ماذا نريد من المصمم الداخلي؟

|
يرغب البعض في الاستعانة بخدمات متخصصة لإنجاز أعمال التصميم الداخلي لقصورهم أو مساكنهم، ولكنهم في الغالب ينتهون بالحصول على خدمات أشخاص ينجزون لهم بعض أعمال الزخرفة أو "الديكور". ويرجع السبب في ذلك إلى الخلط الكبير لدى كثير من أفراد المجتمع بين دور المصمم الداخلي ودور فني الزخرفة أو "الديكور"، والمهام التي يمكن أن يقوم بها كل منهما. ويعود السبب في الخلط إلى أن التصميم الداخلي تخصص حديث نسبياً في جامعاتنا، ويقدم للطالبات دون الطلاب. وهو ما فتح المجال واسعاً لكثير من فنيي الزخرفة أو "الديكور" من غير السعوديين لمزاولة مهنة التصميم الداخلي من دون اشتراط الحصول على درجة البكالوريوس في التصميم الداخلي والتدريب اللازم المصاحب لها، ولا سيما أنه لا يوجد لدينا تنظيم للمهنة يشترط الحصول على تراخيص رسمية لإنجاز أعمال "التصميم الداخلي" وتنفيذها، ومن ثم لا توجد ضوابط تشترط أن يكون "المصمم الداخلي" حاصلاً على درجة جامعية في مجال التخصص، فأصبح التعامل مع أعمال التصميم الداخلي يتم - في أكثر الحالات - بمفهوم لا يزيد على أعمال "مكياج" سطحية، تشتمل على مجموعة من أعمال الدهانات، والأسقف المستعارة، وأعمال الرخام والسيراميك، وبعض الأعمال الجبسية أو الخشبية أو المعدنية، والقليل من أعمال الإضاءة الارتجالية من غير دراسة متخصصة. إن كثيراً من تطبيقات التصميم الداخلي المنفذة في مساكننا تهدف فقط إلى تحقيق رغبة المالك في البحث عن التميز في الشكل والمظهر الداخلي لغرف المسكن وفراغاته، حتى ولو كان على حساب النسب الجمالية للفراغ، والمتطلبات الوظيفية لاستخدامه، ومراعاة الاعتبارات النفسية للمستخدمين، والعناية بمعايير الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. لذا فإن كثيراً من هذه التطبيقات لا تحقق الأهداف المتكاملة للتصميم الداخلي، التي يتعين أن تجعل الفراغ جميلاً في شكله ومظهره، ومريحاً وسهل الاستخدام للجميع على اختلاف أعمارهم ومقدراتهم الجسدية والصحية. وأن يعبر عن الوظائف المرتبطة به ويحققها، ويمنح المستخدمين الإحساس المناسب بوظيفته من الراحة والاسترخاء أو النشاط والتركيز أو الحميمية والألفة أو الرسمية والفخامة أو الاتساع والانفتاح أو غيرها من الأحاسيس المصاحبة. وأن يتوافق مع إمكانات المالك ومقدرته المالية، وأن يعمل على تحقيق مبدأ الاستدامة وخفض استهلاك الطاقة الكهربائية، وأن يجعل الفراغ الداخلي مرناً وقابلاً للتفاعل والتغيير في الاستخدام مع التغير الحاصل بين ساعات الليل والنهار وأيام الصيف والشتاء وغيرها من المتغيرات. إن التصميم الداخلي من التخصصات التي تفرعت عن تخصص العمارة أو "الهندسة المعمارية" وتطورت على مر الوقت لتصبح تخصصاً جامعياً يتطلب العمل فيه الحصول على درجة البكالوريوس بعد الدراسة لمدة أربع سنوات على الأقل، وتمنح فيه كذلك درجتا الماجستير والدكتوراه. كما ظهر عديد من التخصصات الفرعية في جوانب التصميم الداخلي وتطبيقاته، فهناك المتخصصون في التصميم الداخلي للمباني السكنية، أو المكتبية، أو المجمعات التجارية، أو الفنادق والمطاعم، أو المباني الترفيهية، أو المطارات، أو المباني الصحية والتعليمية وغيرها من المباني العامة. إن دور المصمم الداخلي مكمل لدور المعماري في تصميم المبنى من الداخل وتشكيل فراغاته، ولكن تدخله يجب ألا يمس الهيكل الإنشائي للمبنى إلا بعد استشارة المعماري ومناقشته. أستاذ العمارة والإسكان
إنشرها