Author

بل جيتس.. ليس أكبر المتبرعين في أمريكا!

|
سيأتي وقت من الأوقات وينسى الناس جميعاً أن بيل جيتس كان أغنى رجل في العالم (تقدر ثروته بأكثر من 100 مليار دولار)، مثلما نسوا الثري اليوناني أوناسيس. قد تُنسى كذلك، حتى إنجازاته الجبارة للبشرية في مجال الاتصالات الإلكترونية، وتبرعاته السخية لأعمال الخير مثل مكافحة الأمراض الوبائية، ولكني أعتقد أن كلمته التي صرح بها منذ أسبوع، وهي أن امتلاك المليارات ليس أمرا رائعا ولا يجلب السعادة.. كن ذكيا وتبرع بها!! لقد أدرك جيتس من واقع التجربة أن الابتكارات العلمية ليست صعبة، وكذلك جمع المال أمر سهل، ولكنه أيقن أن في النفس شحا قد يخدش نقاءها، بل وقد يغطي الذكاء. لذا، فهو يرى أن السعادة في التبرع بالمال. اتصف بل جيتس بالسخاء والبذل، ولكنه ليس أكبر المتبرعين في أمريكا؟ فمنذ ثلاثة أشهر تبرع وليام ديترك William Dietrich بمبلغ 265 مليون دولار إلى جامعة كارميكي ميلون Carnegie Mellon في بتسبرج، مع العلم أن هذا التبرع السخي يعد رقم 11 في تاريخ أمريكا و14 عالمياً، بينما جمعية بيل جيتس وزوجته مالندا تبرعوا فقط بـ 20 مليون دولار لتلك الجامعة، ولكن بالطبع لديهم تبرعات أخرى لأنشطة متعددة. على مستوى أمريكا يعد الدكتور الكيماوي Gorgon Moore (تقدر ثروته عشر ثروة بيل جيتس أو أقل) من أكبر المتبرعين للبحث العلمي، ففي عام 2001 هـ تبرع هو وزوجته بمبلغ 600 مليون دولار إلى معهد كاليفورنيا للعلوم والتكنولوجيا في منطقة باسادينا في لوس أنجلوس، وقد سبقهم في التبرع رئيس مؤسسة فلانكين أولين حيث تبرع في عام 1997 بمبلغ 460 مليون دولار وتعادل قيمتها الحالية لسنة 2011م 650 مليونا. التساؤل الذي يطرح نفسه: كم إسهام التجار والموسرين في السعودية لدعم الجامعات والبحث العلمي؟! بالطبع التجار وأصحاب مراكز القوى لدينا معفون من الضرائب ومفضلون في كثير من المناقصات الحكومية!، لا أشك في أن بعضهم لديه الاستعداد في العطاء، فالشيخ سليمان الراجحي يعد مثلاً تاريخيا في هذا البلد في حبه للمشاريع الخيرية، وكذلك الأستاذ صالح كامل بل وهنالك أناس مجهولون لا يحبون الظهور، ولكن يبقى السواد الأعظم ممتنع وبعيد عن الإسهامات الوطنية الخيرية. أعتقد أننا بحاجة إلى تأصيل ثقافة التبرعات، فمن الناحية الشرعية هناك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة وسيرة الصحابة الأوائل، تحث على التنافس على صرف الأموال في أوجه الخير، بل هي الفلاح الحقيقي كما قال تعالى: ''ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون''. فتحزن والله من العزوف في التبرع لمؤسسات الدولة كالمدارس والجامعات، ولكن تعجب تماماً في تهافت كثير من أصحاب الأموال لدينا في الاستثمار في التعليم العالي، حيث الدولة والمواطن في هذه الحالة هو الهدف في ثراء ما يسمى بالمستثمرين (الوطنيين!). خلاصة القول أن العلم والبحث العلمي هو المعيار لقوة أي دولة، لذا تجد في الولايات المتحدة والدول الأوروبية غالبية جامعاتها تعتمد على الدعم السخي والمتواصل من الأثرياء، لذا فكم نحن بحاجة إلى مشروع وطني بقرار سيادي يُحفز الأثرياء في هذا البلد على التنافس في دعم العلم والعلماء، فهذه الثقافة التنافسية ستكون خير معيار للانتماء الوطني.
إنشرها