Author

عزيزي غاندي

|
الأشياء الصعبة تتحقق بالإصرار، ولكن يا غاندي، لقد بذلت جهدا خارقا من أجل أن يتحقق للهند استقلالها، وهاهو البلد ينمو. صحيح أن هناك نتوءات كثيرة هنا وهناك. في بلد تتمدد فيه الأرواح. أرواح البشر وأرواح المخلوقات الأخرى. وتتزايد فيها الأفكار والأديان. هنا حيث تختلط رائحة الأجساد المشوية، بروائح خشب الصندل والعطور. هل اكتشفت أن ما حاربت من أجله كان يستحق؟ هل تبدو الهند اليوم أفضل منها بالأمس؟ الهند التي لا ينافسها في عدد السكان سوى جارتها الصين. هل ما زال صوتك ملهما في الهند وفي غيرها؟ أم أن هذا الصوت كاد يتلاشى. إن مصدر الإلهام يا غاندي، ليس في ثورة الملح التي صغت ملامحها، بل في نجاح عملية البحث عن الذات، رغم كل محاولات التذويب والتشتيت. هذا الحضور للذات، أعطى زخما كبيرا لمجد البلاد التي لم تتأثر قطيعتها للمستعمر بالأخذ بخيارات الديموقراطية. صحيح أن الناس كانوا وما زالوا فقراء، لكنهم أيضا كانوا ولا يزالون أحرارا. هي حرية منقوصة كما يقول البعض، فالطبقية ضاربة، والفقر طاغ، والأرض تكتظ بالبشر والبقر، ولكن هذه الثنائية ليست الملمح الوحيد الباقي في الهند، هناك الكثير الذي تلمحه عينيك هناك. إن عالمنا وهو يتواصل مع بوابة الهند، تغيب عنه تفاصيل هذا الإرث الذي يمتد آلاف السنين، بل حتى صورتك ووجهك ونهجك لا يحضر أبدا. كل ما تعرفه الأجيال الجديدة في العالم العربي تتعلق بالسائق والخادمة الهنديين. بينما الحلم الأمريكي يواصل تألقه بالأيدي والعقول الهندية الماهرة التي أعطت للتقنية الكثير من العطاء. لكن خطيئة الهند أن صورتها في العالم العربي لا تتجاوز حدود السائق والخادمة، ... وأحيانا لا تتجاوز لدى البعض فيلم يتحدث عن هندي اسمه: غاندي.
إنشرها