Author

المرأة في مجلس الشورى

|
■ قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لإدخال المرأة في العضوية لمجلس الشورى والسماح لها بدخول الانتخابات البلدية الذي أعلنه ـ حفظه الله ـ أمس في مجلس الشورى، خطوة ليست مستغربة لدعم تواجد المرأة في الحياة العامة بما يخدم دينها ومجتمعها، والقرار يشكل نقلة نوعية في التطور السياسي للدولة ونحتاج إليه الآن؛ لأننا لسنوات طويلة استثمرنا في المرأة حتى استطاعت أن تصل، بدعم الدولة وبدعم الآباء والأمهات والأزواج، إلى أماكن المشاركة الوطنية في المدارس والمستشفيات والجامعات ومختلف مناشط الحياة. أيضا نحتاج إلى مثل هذه القرارات التي تؤكد أننا، كدولة وكمجتمع، لن نعطل دور المرأة إذ دورها يتم وفق ضوابط الدين والمجتمع ويخدم المصلحة العليا للوطن، ويخدم مصلحة المرأة، كإنسانة كفل لها الإسلام العظيم حقوقها الأساسية، ونحن في السنوات الماضية أصبحنا مستهدفين، الدولة والمجتمع، حيث نُقَدَّمُ على أننا لا نعطي المرأة الفرصة للمشاركة في المؤسسات الأساسية في المجتمع والدولة. وهذا التصور السلبي له ـ مع الأسف ـ من يتبناه ويدعمه ويستخدمه للطعن في إرادة الدولة وتشويه المجتمع، ويستثمر للإساءة لأصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ، حيث يقدم هؤلاء على أنهم ضد المرأة، وضد عملها وضد مساهمتها في الحياة العامة، وهذا افتراء وظلم لهم، ونحن نعرف أنهم منذ تأسيس الدولة كانوا مع ولي الأمر يساندونه ويدعمونه في كل ما يحقق المصلحة الدنيوية للناس، وما حققته المرأة في العقود الماضية وتواجدها في العديد من المجالات يؤكد أنهم خير داعم لتمكين المرأة وتوسيع مساهمتها فيما يخدم دينها ووطنها. دخول المرأة في مجلس الشورى له مبرراته الوطنية الموضوعية، فالمجلس يعد الأنظمة التي تمس حياة الناس وظروف الحياة تعقدت، والقائمون على إعداد الأنظمة والتشريعات أصبحوا من الخبراء المتخصصين، ونحن الآن نمر بطفرة واضحة لإصدار أنظمة جديدة أو لتعديل وتطوير ما هو قائم، وكمجتمع في طور النمو، هذه القرارات والأنظمة كثير منها يمس الأسرة والطفولة والشباب، ومن المصلحة العامة أن تكون المرأة حاضرة ومشاركة في مدخلات هذه الأنظمة والقرارات. والآن ومستقبلا ونتيجة للاستثمار المكثف الذي تبنته الدولة لتأهيل المرأة في مختلف المجالات سوف نجد أن لدينا المئات من النساء اللواتي أثبتن كفاءتهن العلمية وصقلن خبراتهن في شؤون الحياة في مجالات عديدة، وثمة أسماء مشرفة لمجتمعهن ووطنهن، ونحن الآن إزاء جيل من الرائدات في التعليم والصحة والخدمة العامة في مؤسسات الدولة سوف يتقاعدن، وهؤلاء الرائدات يشكلن رصيدا وطنيا متاحا سوف يدعم مشاركة المرأة في أعمال المجلسين. كما أن المرأة تواجدت في العقود الأربعة الماضية في المجالات الخيرية والإنسانية، وتكون الآن لدى الكثير منهن خبرة عملية ثرية في إدارة مؤسسات المجتمع المدني، وهن على اتصال يومي مباشر مع احتياجات المرأة والطفولة، وتصدين لمعالجة الكثير من المشاكل وأنشأن المؤسسات والجمعيات الخيرية .. هؤلاء أيضا رصيد وطني مهم داعم لتواجد المرأة في مجلس الشورى أو في المجالس البلدية. كذلك هناك السيدات العصاميات اللواتي أسسن المنشآت التجارية الناجحة، ويقدن الآن باقتدار جهودا وطنية لدفع المرأة للاستفادة من الثروة الوطنية عبر الدخول القوي في مجالات التجارة المختلفة .. ومجلسا الشورى والبلديات يحتاجان إلى الكوادر التي خبرت وجربت وتفاعلت مع مؤسسات الدولة والمجتمع. ولا ننسى أيضا الرافد المهم لتواجد المرأة في المؤسسات الوطنية الأساسية، ونقصد هنا برنامج خادم الحرمين الشريفين لدعم التعليم العالي سواء في الداخل أو الخارج، فالطفرة الجارية في التعليم العالي أكبر مستفيد منها المرأة، وبناتنا وأخواتنا الآن يتواجدن في أرقى الجامعات في الخارج، ومنهن سوف نجد الرافد الدائم لإمدادنا بالمؤهلات الخبيرات القادرات على رفع كفاءة المؤسسات الموجهة لخدمة المجتمع والمرأة والطفولة. إننا في وطن تتجدد فيه كل يوم فرص الترقي والتطور الاجتماعي والسياسي، وهذا التطور يواكب نمو المجتمع وارتفاع سقف تطلعاته، وهذا هو موروث الملك المؤسس الكبير الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ فقد وضع الثوابت التي تطور النظام السياسي وتجعله مواكبا لضرورات الإصلاح الاجتماعي الذي يكرس استقرار المجتمع ويدعم الوحدة الوطنية، وهذا الموروث هو ما دعانا الملك عبد الله إلى صيانته والمحافظة عليه .. إنه واجبنا جميعا وعلينا العودة إليه لتكريسه في ثوابت الدولة والمجتمع، إنه موروثنا جميعا، فالوطن الذي نجنيه الآن، كما قال الملك عبد الله ـ حفظه الله ـ هو ثمرة كفاح مشترك قاده الملك عبد العزيز مع الآباء والأجداد، كفاح (أثمر وحدة القلوب والأرض والمصير الواحد، واليوم يفرض علينا هذا القدر أن نصون هذا الميراث، وأن لا نقف عنده بل نزيد عليه تطويرا يتفق مع قيمنا الإسلامية والأخلاقية). هكذا قال ملك الإرادة والتغيير حيث (إننا في عصر لا مكان فيه للمتخاذلين والمترددين)
إنشرها