Author

مجلس الأعمال السعودي- المصري.. إلى أين الوجهة؟!

|
يبدو أن مجلس الأعمال السعودي- المصري تاه عن أهم واجباته تجاه المستثمرين السعوديين في الاجتماع الأول الذي عقد في الشهر الماضي في غرفة جدة، لأن المجلس بحث ــ مع الأسف ــ في وسائل زيادة الاستثمارات السعودية في مصر، بينما كان الأهم هو أن يبحث في كيفية حماية أموال المستثمرين السعوديين التي ضاعت نتيجة أحكام تعسفية ظالمة صدرت عن المحكمة الإدارية في مصر. ولذلك علق أحد رجال المال السعوديين ممن شطبت أملاكهم بحكم تعسفي وقال: إن المجلس لا حول له ولا طول، وقال أيضا إن الوزارة المصرية التي يرأسها الدكتور شرف وزارة تصريف أعمال وليست وزارة صاحبة قرارات وقادرة على تنفيذ قراراتها، وأضاف أنه لا فائدة ترتجى من مجلس الأعمال السعودي ــ المصري الذي بحث في كيفية زيادة الاستثمارات السعودية في مصر، ولم يبحث في كيفية حماية أموال السعوديين واسترجاع الممتلكات التي صدرت في حقها أحكام ظالمة ومتعسفة. أقول المؤسف أن مجلس الأعمال السعودي ــ المصري في اجتماعه المشار إليه لم يناقش بصورة جدية كيفية إلغاء الأحكام التعسفية التي صدرت ضد السعوديين الذين استثمروا أموالهم في بلدهم الثاني مصر! لقد أصدر القضاء المصري بعد ثورة 25 يناير 2011 حكماً بإلغاء صفقة بيع أراضي منتجع بالم هيلز لأن نجل الرئيس السابق علاء مبارك يملك حصة فيه، وكذلك يملك السعوديون في هذا المنتجع استراحات كثيرة، كما أصدر القضاء الإداري حكماً ببطلان صفقة بيع أرض توشكى إلى الأمير الوليد بن طلال، وثالثة الأثافي أن المحكمة الإدارية في مصر أصدرت حكماً ببطلان عقد بيع شركة عمر أفندي للمستثمر السعودي شركة أنوال المتحدة للتجارة التي يملكها المستثمر السعودي جميل القنيبط. لكن ما يمكن أن نستنتجه من قضية بطلان بيع عمر أفندي لشركة أنوال المتحدة، وبيع منتجعات بالم هيلز أن العلاقة بين المستثمرين السعوديين ومجلس الأعمال السعودي - المصري ربما كانت تشوبها شائبة، وكنت أتمنى لو أن مجلس الأعمال هو المبادر بالاتصال بالمستثمرين السعوديين والتعرف على ملفات كل الصفقات التي أبرموها، ومن ثم دعم المستثمر السعودي في الحصول على حقوقه القانونية من صفقات تجارية اكتملت كل حلقاتها القانونية والمالية والإدارية. وإذا كان مجلس الأعمال السعودي - المصري لا يستطيع أن يحمي المستثمر السعودي، فأقل ما يجب أن يفعله هو دعم سعي المستثمر السعودي الذهاب إلى التحكيم الدولي كي يأخذ حقه القانوني كاملاً. طبعاً دون أدنى شك إن الاقتصاد المصري في أمس الحاجة إلى مناخ يساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية، ولا يؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية، وأخص بالذات الاستثمارات الخليجية، لأنها تمثل نحو 80 في المائة من الاستثمارات الأجنبية في مصر. إن الاقتصاد المصري في الوقت الراهن أحوج ما يكون إلى الاستثمارات الأجنبية كي ينهض ويستعيد حيويته ونشاطه، وإذا لم تتخذ الحكومة المصرية قرارات عاجلة وقاطعة لتحسين مناخ الاستثمار، فإن الاستثمارات الأجنبية في مصر إلى تراجع وتحتاج إلى ثقة ويقين حتى يعود مناخ الاستثمار إلى ما كان عليه في عهد الرئيس مبارك، ولا شك أن أبسط وسائل جذب الاستثمارات الأجنبية هو احترام الاتفاقات وعدم نقضها دون مبررات قانونية، ونعرف جميعاً أن القانون الدولي يحمي الاتفاقات، ويؤكد أن تغيير الأنظمة لا يخول لها نقض الاتفاقات، بل إن الأنظمة السياسية المتعاقبة مسؤولة عن الاستمرار في احترام وتنفيذ الاتفاقات السابقة واللاحقة. وفي العموم أن مجلس الأعمال يجب أن يحمي أي مستثمر وفي أي ظرف من الظروف من أي اعتداء سافر على حقوقه المشروعة، سواء بقوة القانون المحلي أو بقوة القانون الدولي، ويجب ألا يبحث عن مبررات غير قانونية للابتعاد عن الدفاع عن حقوق المستثمرين السعوديين الذين سبق أن ضاعت حقوقهم، وستضيع حقوقهم بمثل هذه المواقف، وكلنا يعرف أن من أهم مهام مجلس الأعمال السعودي- المصري حماية المستثمر السعودي في مصر وحماية المستثمر المصري في السعودية! إن تسييس القضاء وإصدار أحكام بفسخ عقود البيع والشراء أو لنقل ببطلان البيع والشراء أمر يضع مناخ الاستثمار في مصر في موقف صعب، وإذا نظرنا إلى حيثيات الحكم ببطلان صفقة عمر أفندي وصفقة بالم هيلز نجد أنها حيثيات مرسلة وضعيفة وبنيت على أساس سياسي مغرض، ولم تبن على أساس قانوني أو شرعي، فالقانون والشرع يرسخان الاستمرار في تنفيذ الصفقات، ولا يعطيان الحق للمحكمة ولا غير المحكمة في فسخ عقد مكتمل شروط البيع والشراء. إن أبسط قواعد القانون الدولي لا تسمح بإلغاء صفقة تجارية تمت في وضح النهار، ومرت من خلال كل القنوات القانونية والشرعية، بل أكثر من هذا دخلت صفقة عمر أفندي أروقة مجلس الشعب المصري، وطرحت للمداولة والتصويت، ونالت موافقة الأغلبية، بمعنى أن الشعب المصري كله ــ من خلال ممثليه ــ وافق على تنفيذ الصفقة، ولا يمكن أن يلغي هذه الصفقة حكم قضائي مسيس! وإذا لزم الأمر، فإن المفروض أن تعقد المحكمة جلسة عادلة يحضرها الطرفان أو مندوبون عنهما للتحقق من وثائق الصفقة عوضاً عن إصدار حكم (سياسي!) ببطلانها دون أن تترك للطرف الآخر فرصة الدفاع عن حقوقه المشروعة التي تمت تفاصيلها عبر المداولات العلنية وفي وضح النهار. والمؤسف أن أحكاماً قضائية مُسيّسة صدرت ببطلان بيع المزيد من الشركات المصرية المتعثرة لرجال أعمال سعوديين، وإذا لم يبادر السعوديون بطرق أبواب التحكيم الدولي لاستعادة أموالهم أو أملاكهم، فإن المحاكم المصرية ستندفع نحو إصدار المزيد من الأحكام المسيّسة التي تبطل كل الصفقات التي طرفها سعوديون مهيضو الجناح. وعلى الجميع أن يعرف أن خيار التحكيم الدولي خيار حتمي، لأن قضايا الصفقات ذات الصبغة الدولية، وبالذات في السوق المصرية لا يحلها إلاّ التحكيم الدولي، وأتمنى على رجال الأعمال السعوديين أن يتمتعوا بالثقة والصبر والإصرار على المواكبة والمتابعة حتى صدور الأحكام الدولية العادلة بصرف النظر عن الوقت الذي تستغرقه.
إنشرها