Author

الجشعون في مكة المكرمة يشوهون صورتنا

|
عندما يغيب القانون ولا توجد سلطة تقوم بتطبيقه أو مراقبته، فإنه عند ذلك يحلو لكل فرد أن يضع القانون الذي يناسبه وبما يخدم مصالحه، وعندما تصبح الأمور في عداد الفوضى لأن أجرة النقل من وإلى المسجد الحرام ترتفع وتتضاعف بسبب الزحام فإن هذا يجب أن يتم بشكل رسمي، لا أن يخضع المواطن والمقيم والأجنبي المعتمر القادم لبلادنا لحالة أشبه ما تكون بالابتزاز الشخصي خاصة أنه لا وجود لوسائل نقل أخرى للقادمين من الخارج. ارتفاع وتضاعف الأسعار في مكة المكرمة أصبح فرصة للجميع أن يعملوا وبنفس الأسلوب والطريقة، دون أن يدرك البعض في أن هذا الأسلوب يسيء للمملكة وللسعوديين، خاصة أن مكة المكرمة تعتبر أطهر بقعة على وجه الأرض وقبلة المسلمين، والتي يجب أن تراعى في أعمالها أخلاقية المسلم وأهمية المكان بجانبه الاعتباري، وارتفاع الأسعار لا يشمل فقط أجرة النقل وإنما تشمل السكن والمأكل والمشرب، فالكل يهدف إلى الربح السريع وغير المشروع وغير المعقول وبأضعاف مضاعفة، ما يجعلنا أمام ظاهرة (خصخصة المشاعر) في ظل غياب الرقابة القانونية وضبط الأسعار. المملكة تبذل إمكانات كبيرة لخدمة الحرمين الشريفين وخدمة المعتمرين والحجاج من باب ديني إسلامي، والعالم ينظر للمملكة وللسعوديين من هذا الباب باعتبارهم أقرب الناس إلى الفضيلة وإلى الأخلاق الإسلامية الحميدة والصحيحة، ولكن وللأسف الشديد فإن ما يجري في مكة المكرمة من استغلال للمعتمر يجعل البعض يصطدم بواقع الاستغلال الكبير الذي ينمى عن ضعف الوازع الديني والأخلاقي، ويسهم بطريقة غير مباشرة في الإساءة لصورة المملكة التي تدفع المليارات لمجرد صيانة الحرمين الشريفين وتوسعته وتطويره وتهيئته من أجل راحة المسلمين من حجاج ومعتمرين. التنظيم مسألة أساسية في منطقة مكة المكرمة التي تشهد ازدحاما سنويا وازدحاما شبه دائم لا تفيد فيه الحلول العاجلة، والمشهود لسمو الأمير خالد الفيصل أنه أمير الإدارة والتنظيم والتي تشهد بذلك لسموه محافظة مكة المكرمة بجهوده الكبيرة والمتميزة، خطوات جبارة في حسن التنظيم وفك الاختناقات والازدحام، والتطوير الاستثنائي الذي حصل أخيرا في مكة المكرمة رغم العوائق الكثيرة، ولكن ما هو ممكن تحقيقه على نحو عاجل وإيجابي يشمل موضوعي أسعار النقل والغذاء وأسعار الشقق والفنادق التي تحتاج إلى مزيد من الرقابة لكي تظهر مكة المكرمة مختلفة في طقوسها وفي تنظيمها وعملها كمدينة مقدسة وإسلامية لتشعر العالم أن السعودية والسعوديين (غير) وأن رعايتهم للحرمين ومسؤوليتهم وأخلاقهم تمنعهم بأن تصبح الأمور فوضى واستغلالا وفرصا لاستعجال الثراء، بينما تخسر المملكة جزءا من مقومات قوتها المعنوية. وفي المقابل يفترض أن يكون لوسائل النقل والسكن والمأكل خصوصية ذات طابع إسلامي، وهذا ليس ببعيد عن لمسات سمو الأمير خالد الفيصل بتشكيل مجلس أعلى تشارك فيه قطاعات وزارة الداخلية ووزارة التجارة والنقل والشؤون الإسلامية والأوقاف والصحة والبلديات وهيئة السياحة والآثار وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد وهيئة حماية المستهلك لحفظ الأمن ومراقبة وضبط الأسعار لجميع السلع والخدمات الخاصة بزوار مكة المكرمة من معتمرين وحجاج، ولوضع معايير موحدة وصادقة تهدف إلى تقديم السعودية كدولة قائدة للعالم الإسلامي، تقدم خدماتها لهذا الركن الإسلامي العظيم بكل أناقة وأمانة وتجعله مسارا مؤثرا وكسبا نوعيا في إطار القوة الناعمة للمملكة العربية السعودية.
إنشرها