Author

أين ذهبت اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع الدول الناشئة؟

|
منذ خمس سنوات اتجهت السعودية بقوة نحو توقيع مجموعة من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع عدد من الدول التي حققت معدلات سنوية عالية في النمو الاقتصادي، وأصبحت هذه الدول ضمن مجموعة تم تصنيفها باسم الدول الناشئة. لقد وقعت المملكة اتفاقية شراكة اقتصادية مع الصين، واتفاقية شراكة اقتصادية مع البرازيل، واتفاقية شراكة اقتصادية مع الهند، واتفاقية شراكة اقتصادية مع ماليزيا، واتفاقية شراكة اقتصادية مع تركيا. أي وقّعت المملكة اتفاقيات شراكة اقتصادية مع الدول المتقدمة في مجال الاقتصاد الدولي. وكل هذه الدول حققت معدلات سنوية عالية في نمو الناتج المحلى الإجمالي بلغ أكثر من 9 في المائة سنويا، والآن وبعد مرور نحو خمس سنوات من توقيع الاتفاقيات نتساءل: أين ذهبت هذه الاتفاقيات، وما الفوائد التي تحققت للاقتصاد السعودي؟ أولا يجب أن نشير إلى أن اتفاقيات الشراكة تنص على أن الدول الموقعة على الاتفاقية ملزمة بفتح مجالات النشاط الاقتصادي على مصراعيه كي يحقق الشركاء أعلى معدلات الفائدة الاقتصادية. ونظرا لأهمية هذه الاتفاقيات، وبالذات مع دول حققت معدلات عالية في نمو الناتج المحلي الإجمالي كان يجب على الإعلام أن يتابع كل مراحل تنفيذ هذه الاتفاقيات، وإذا لم تنفذ الاتفاقيات، فإن واجب الإعلام أن يبحث في أسباب عدم التنفيذ ويعمل على إزالة العوائق، كما أن الواجب على المؤسسات الرقابية في المملكة، وأخص بالذات مجلس الشورى أن يسأل عن مآل ومصير هذه الاتفاقيات، وإذا نامت في الإدراج كان واجب مجلس الشورى أن يسأل عنها ويوقظها من ثباتها التي اختارها لها البيروقراطيون؛ لأن في تنفيذ هذه الاتفاقيات فوائد جمة على الاقتصاد الوطني السعودي. والمؤسف أن الإعلاميين لم يدركوا أهمية هذه الاتفاقيات على نمو الاقتصاد الوطني، وكل الذي عرفوه هو ضرورة أن ينظموا لها زفة إعلامية كتلك الزفات التي تنظم لحفلات الشو الإعلامي! نحن نحزن لأننا لم نهتم بمشاريع جرى الاتفاق على تنفيذها مع دول حققت على أرض الواقع إنجازات يجدر أن نستفيد منها؛ إذ إن الصين تعتبر المثل الأعلى في النمو، كذلك الهند التي لها تجربة أذهلت العالم المتقدم، كذلك التجربة الماليزية والتركية والبرازيلية، كلها دول تتمتع بمميزات رائعة في نمو اقتصادها الوطني، وأقل ما يجب أن نفعله هو أن نُفعّل الاتفاقيات التي وقعناها مع هذه الدول. أقول كان يجب أن يفتح مجلس الشورى ملف اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع هذه الدول، ويسأل عنه وينكش فيه ويفعله حتى يدفع كل مؤسسات الدولة إلى الاستفادة من هذه الاتفاقيات، وعندئذ يجب أن نشعر الطرف الآخر بأننا جادون في توقيع هذه الاتفاقيات وراغبون في تحقيق أعلى درجات الاستفادة من هكذا اتفاقيات. إن توقيع اتفاقيات الشراكة الاقتصادية ليست مجرد ''شو إعلامي''، بل هي عقد اقتصادي يهدف إلى تبادل المنافع وتحقيق معدلات أعلى في النمو والتنمية الاقتصادية لجميع الدول الأطراف الموقعة على الاتفاقيات. إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند توقيع اتفاقيات الشراكة الاقتصادية هو قيام الدول الموقعة على الشراكة بتبادل الزيارات بين رجال الأعمال وبين المسؤولين الحكوميين للوقوف على الإمكانات والميزات النسبية لكل دولة من الدول، وكذلك إقامة المعارض الدائمة في المدن الرئيسة بغية إطلاع الرأي العام في الدول الموقعة على الاتفاقيات على بعض المنتجات التي يتميز فيها نسبيا عن الطرف الآخر، ولعل أهم ما في قوائم الشراكة هو قيام الدول المتقدمة اقتصاديا بتدريب الكوادر السعودية في مجالات تفتقر إليها السوق السعودية، إضافة إلى ذلك هناك قائمة طويلة تتضمنها الاتفاقيات إذا تم تنفيذها فإنها ستحقق الفائدة المثلى للاقتصاد السعودي. أكثر من هذا، فإن تنفيذ مثل هذه الاتفاقيات الاستراتيجية على أرض الواقع من شأنه أن يرفع كفاءة الإنتاج السعودي ويزيد من إنتاجية المواطن السعودي تلك الإنتاجية التي تعاني تدهورا مريعا، وكان يمكن أن تقوم هذه الاتفاقيات بدور فاعل في لجم غول التضخم الذي بات يغزو السوق السعودية بأسنان حادة، وذلك من خلال المزايا التي تمنحها (لبعضها البعض) الدول الموقعة على اتفاقيات المشاركة. إن دراسة العلاقات الاقتصادية الدولية على درجة كبيرة من الأهمية؛ لأنها توضح كيف تسير هذه العلاقات، وكيف يعمل النظام الاقتصادي العالمي لتحقيق الفائدة لكل أطرافه، وكيف نحقق الفائدة لاقتصادنا الوطني الناشئ. إن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هيأت المناخ وأتاحت أمام التنفيذيين الحكوميين ورجال الأعمال الفرص كي يُفعّلوا اتفاقيات الشراكة الاقتصادية ويحققوا الفوائد المتوخاة من هذه الشراكة التي تشكل - كما ذكرنا - المناخ المناسب للارتقاء باقتصادنا الوطني في ظل ظروف اقتصادية دولية تعانى كثيرا من الأزمات الصعبة.
إنشرها