Author

سوق التأمين السعودي .. نمو واعد رغم التحديات

|
شهد سوق التأمين في السعودية بشكل عام، وسوق التأمين التعاوني بشكل خاص، تطورا ملحوظا خلال العقد الماضي من القرن الحالي، ونقلة نوعية غير مسبوقة، وبالذات فيما يتعلق بتنظيم التعاملات، التي تتم في داخل السوق، وتحويلها من تعاملات كانت تتم في الماضي، وفق آلية تستند في معظم الأحيان، إلى الارتجالية وعدم التخطيط والعشوائية، إلى تعاملات يغلب عليها الطابع المؤسساتي، الذي يستند إلى أنظمة وقوانين وتشريعات علمية وعملية مدروسة، إضافة إلى الالتزام بتطبيق معايير محلية ودولية (فنية ومهنية)، بما في ذلك الالتزام بتطبيق أفضل الممارسات Best Practices المعمول بها دوليا في جميع مجالات التأمين المختلفة. نتيجة للتطور التنظيمي والتشريعي بما في ذلك الهيكلي، الذي طال جميع مفاصل قطاع التأمين في السعودية، شهد السوق في العام الماضي، نموا كبيرا تجاوزت نسبته 800 في المائة، مقارنة بعام 2000، حيث قد بلغت قيمة إجمالي أقساط التأمين المكتتب بها Gross Written Premiums – GWP في نهاية 2010، مبلغ 17.1 مليار ريال، في حين قد بلغت قيمتها في نهاية عام 2000، مبلغ 1.73 مليار. ترجع أسباب الزيادة في حجم أقساط التأمين المكتتب بها في عام 2010 مقارنة بعام 2000، بشكل رئيس إلى زيادة الوعي التأميني لدى أفراد المجتمع السعودي، إضافة إلى إدخال التأمين الإلزامي على المركبات والتأمين الصحي التعاوني. يتوقع خبراء التأمين في سوق التأمين السعودي، أن يشهد السوق، نموا مطردا خلال السنوات القليلة القادمة، نتيجة لاقتناع أعداد كبيرة من أفراد المجتمع السعودي، بضرورة وأهمية الـتأمين على الممتلكات، وعلى الصحة، إضافة إلى التوسع في مجالات تأمينية أخرى رئيسة خلاف التأمين على المركبات، مثل التأمين الصحي، الذي شهد ارتفاعا ملحوظا في قيمة إجمالي الأقساط المكتتب بها في عام 2009 مقارنة بقيمة الأقساط المكتتب بها في عام 2008، حيث قد بلغت قيمة الأقساط المكتتب بها في عام 2009، مبلغ 7.3 مليار ريال، في حين قد بلغت قيمتها في عام 2008 مبلغ 4.8 مليار ريال. من هذا المنطلق، يتوقع لسوق التأمين في المملكة أن ينمو خلال السنوات الخمس القادمة بنسبة نمو تقدر بنحو 12.5 في المائة في المتوسط، وأن تبلغ قيمة إجمالي الأقساط المكتتب بها بنهاية عام 2015 نحو 34 مليار ريال. رغم التطور المذهل والكبير، الذي شهده سوق التأمين في المملكة خلال الفترة الماضية، إلا أنه لا تزال هناك فرصة كبيرة للنمو، وبالذات وأن عمق السوق (نسبة التأمين إلى الناتج المحلي الإجمالي)، لا يزال محدودا للغاية في حدود 1 في المائة، في حين تتجاوز هذه النسبة ببعض الدول العربية والنامية والدول المتقدمة أضعاف تلك النسبة في السعودية، حيث تصل على سبيل المثال في تايوان إلى 17 في المائة، وفي جنوب إفريقيا إلى 13 في المائة، وفي بريطانيا إلى 12 في المائة، وفي سويسرا إلى 10 في المائة، وفي لبنان والمغرب والإمارات إلى 3 في المائة. من بين التحديات التي تحد من نمو سوق التأمين في المملكة، انحصار التأمين على مجالات وأنشطة محددة، مثل المركبات والصحة، حيث تمثل نسبة الأقساط المكتتب بها في هذين المجالين نحو 70 في المائة، من إجمالي قيمة الأقساط المكتتب بها، في حين تمثل بقية القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى النسبة المتبقية، حيث على سبيل المثال، تمثل نسبة الأقساط المكتتب بها في مجال التأمين البحري، ونسبة التأمين على الممتلكات نحو 4 و5 في المائة على التوالي من إجمالي قيمة الأقساط المكتتب بها، ومن هذا المنطلق وبهدف مضاعفة قيمة إجمالي الأقساط المكتتب بها، لا بد من توسيع مجالات التغطيات التأمينية، لتشمل التوسع في تغطية قطاعات وأنشطة اقتصادية جديدة، مثل مجال التأمين على البضائع، حيث لا يستفيد في الوقت الحاضر سوق التأمين السعودي من التجارة البينية للمملكة؛ لكون أن التأمين على البضائع يتم في دول المنشأ، كما أن سوق التأمين في المملكة لا يستفيد من التأمين على الصادرات؛ لكون أن معظم صادرات المملكة صادرات نفطية. تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية على العمل الاحترافي في سوق التأمين، يعد من بين أبرز التحديات التي تواجه نمو سوق التأمين في السعودية، ولا سيما أن العمل في سوق التأمين يتطلب توافر مهارات فنية واكتوارية معينة Actuary Skills، وللتعامل مع هذا التحدي، عمدت مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' المشرفة على نشاط سوق التأمين في السعودية، إلى تصميم امتحان إلزامي في أساسيات التأمين لقياس مدى إلمام موظفي القطاع والقائمين عليه بالجوانب الأساسية في صناعة التأمين والأنظمة واللوائح والمعايير الخاصة به. من بين التحديات كذلك التي تواجه نمو قطاع التأمين في السعودية، ضرورة العمل على خلق كيانات تأمينية كبيرة وعملاقة، بحيث تكون قادرة على التعامل مع تحديات ومتطلبات التوسع المستقبلية، بما في ذلك كسب ثقة المتعاملين معها، والتعزيز من قدراتها المرتبطة بالبحث والتطوير وابتكار المنتجات والخدمات التأمينية الجديدة. خلاصة القول، إن سوق التأمين في السعودية، يبشر بنمو واعد في المستقبل، رغم التحديات العديدة التي تواجه هذا النمو، مما يتطلب العمل على توسيع قاعدة وزيادة عمق السوق، بما في ذلك خلق كيانات وشركات تأمين كبيرة وعملاقة، قادرة على التعامل مع التحديات المستقبلية، التي من بينها على سبيل المثال إعداد الكوادر الوطنية وتأهيلها التأهيل المطلوب للعمل في السوق باحترافية ومهنية عالية، تخدم قطاع التأمين والمتعاملين مع القطاع والاقتصاد على حد سواء، والله من وراء القصد.
إنشرها