Author

نورة: لا يريد الشيخُ أن يبعدك عني!

|
.. نحب الشيخ محمد العريفي كما نحب ونقدر شيوخنا الأجلاء.. ولكني أسأله سؤالا واحدا، أتمنع ابنتي مني؟ لو منعت ابنتي لمتُّ.. فعلا. لا، بل لو أن ابنتي منعت عني لماتت. لا أحب ولا أرغب أن أتصدى قليلا أو كثيرا للعلماء، ولكن هناك شيء اسمه العقل، واسمه الحب المنقطع الغريزي.. لا يمكن أن أتحمل أن تأتي لي ابنتي وحيدتي وتبكي وتقول الشيخ العريفي يقول البنت لا تخلو مع أبيها. كيف؟ ولماذا كل يوم نضيق ما وسّع الله، برأيي أن التأصيل الإسلامي قد يفسح التوسع في المباحات، ولا يسمح في التوسع بالتحريم.. أما أن تمنع البنت عن أبيها، فكيف بالله؟ وليكن أن هناك شواذا من نسغ الشيطان، هل يدفع الآباء كلهم هذا الثمن الباهظ؟! من زرع بابنتي الآن هذا الخوف وهذا الارتياب؟ أرجو أن أكون سمعت ولم أفهم، أو ما سمعته كان من كوابيس أسوأ الأحلام.. لم أصدق من جاء يقول لي، ولم أهضم ما جاءت تقوله لي نورة ابنتي ووحيدتي وقرّة عيني، وسر بهجتي، وكل ما لديّ في هذا العالم، وهي أعظم وأغلى وأجمل وألطف ما أهدانيه ربي وربها.. طيب كيف تستمر الحياة.. ماذا عن المحرم إذن؟ ماذا عن مئات أو آلاف الآباء الذين تضطر ظروفهم للسفر مع بناتهم للدراسة في الخارج والإقامة معهم بدون أم؟ .. وهل صارت الأم هي الحارسة، بل هل ترضى الأم أن تحرس ابنتها ضد أبيها.. بالله عليكم أي عائلة يمكن أن تقوم على ذلك الارتياب المذل المؤذي؟ كيف يحنو الأبُ على ابنته وهو محذر أن يختلي معها؟ كيف يكون موقفه مع زوجته وهي لابد أن تأتي لتحرس ابنتها منه.. كيف؟ أفهم أن تكون البنت متشحة بالظهور المحتشم في البيت عموما أمام الجميع، أمام أبيها وإخوتها وحتى أمها، وهذا ما تقوله لي ابنتي أيضا، ولكن ألا أمارس أبوتي وحبي الأبدي لجوهرتي الوحيدة (بل حتى لو كنّ عشرات) فهذا ما لا أطيقه والله حتى لو أردت، وما عرفنا الدين ضد الفطرة الحيّة الخالصة.. أرجو أن يعتني الشيخ محمد فعلا بتفاسيره، فهي عند البسطاء أمثالنا بمثابة الفتوى التي تتبَّع.. وزرع مثل هذا الخوف والتخوف سيخلق مآسٍ لا حد لها وزعزعة للنسق الطبيعي في كل عائلة.. أما قول الشيخ الجليل أن تبقى البنتُ لا تختلي بأبيها حتى يأتي زوجها.. يا الله هذا كثير (ولقد روى لي موظفٌ في الشركة من بعض أنحاء الجزيرة أن البنت لا تكشف أبدا وجهها لأبيها عندهم إلا بعد أن تتزوج، ويقول لا لايحق لي أن أرى ابنتي إلا عندما يسمح غريب. وكنت أرى ذلك منتهى الجهل والتخلف الذي لا يمكن تصديقه!). طيب يا شيخي، وإن لم تتزوج؟ طيب، وإن لم يبق لها إلا أبوها في هذا العالم؟ من نطالب ليأتي ليحرسها وهي في "خلوة" مع أبيها؟ لو قال الشيخ الجليل أن من يُعرف عنهم الشذوذُ والميل للممارسات الحيوانية غير المسؤولة تفرض عليهم وحولهم تلك الحراسة لفهمت وأيدت بل وفرحت. بل حتى لو منعت عنهم بناتهم لكنت أيضا من طليعة المتحمسين. إني أكتب هذا بوقت متأخر حتى عن توقيت النشر في جريدة "الاقتصادية"، فظروفي لم تسمح لي بالممارسة الكتابية المعتادة، لولا أن ابنتي جاءت مرتاعة، وصرت أنا أكثر ارتياعا، وكان لابد أن أوجه رسالتي لعالم طالما احترمناه وقدرناه.. وما زلنا. لا يمكن أن أزجي بالأدلة والثوابت هنا، فمن العبث إثبات وجود الشمس في رائعة النهار، كيف يقولون كل ابنة بابيها معجبة، كيف تتعلق البنات بالذات بآبائهن؟ إلا من هذا الحب النقي، والتفهم المبذول، والحميمية الطاهرة، وذلكم الشائعُ الطبيعي وما دونه شذوذ، وما عرفنا أن الشذوذَ يطغى على القاعدة، بل نعرف أن الشذوذَ يثبت صحة القاعدة وقوة برهانها، وبزوغ وجودها. إني أرجو من الشيخ العريفي أن يوضح هذه النقطة بالذات فإني من تأملي لما رأيته على التسجيل المرئي في اليوتيوب بأنه شدّد أولا على الحشمة وأطال، وهذا ما لن يعارضه فيها أحد، بل سنكون له من الشاكرين.. ثم أنه في النهاية تطرق لموضوع الخلوة مع الأب، وهنا كنا من المذهولين. ربما هناك جملة مقطوعة لم تُقـَل.. فقلها بالله عليك يا شيخنا؟ أما أنا فإني يا ربي خاضع لك، عابد لك، حامد لك، شاكر لك.. على كثير نعمك، ومن نعمك التي لا تقدر بأثمان الكون علي ابنتي، قربُ وحب ولطف وأمان ابنتي نورة.. وسأظل في حياتها، وستظل بحياتي، لن ننفصل حتى لو أردنا. حبيبتي نورة.. لا تجزعي فما قصد الشيخُ أن يبعدك عني.
إنشرها