المطلوب إنشاء وزارة للشباب والرياضة

في خضم التطورات التي تحدث في عالمنا العربي، فإن العودة إلى التفكير في إنشاء وزارة للشباب والرياضة أصبحت ضرورة ملحة، ولقد سبق أن نوقش في دهاليز الحكومة السعودية هذا المشروع، ولكن المناقشة أرجئت إلى حين، والآن نعود ونطرح فكرة إنشاء وزارة للشباب والرياضة لتحل محل الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
ويطرح المؤيدون لهذه الفكرة كثيرا من الأسباب التي تدعوهم إلى تحبيذ فكرة تأسيس وزارة للشباب والرياضة ذات أفق أبعد من مجرد ممارسة الرياضة فقط، بل نتطلع إلى اهتمام نوعي بكل طموحات الشباب في عصر السماوات الفضائية والإعلام الاجتماعي الجديد الذي يعيد الآن تشكيل خريطة العالم العربي على نحو مغاير للعصور العربية الغابرة، ونتمنى أن تتسع مجالات عمل الوزارة لتشمل الاهتمام بمواهب الشباب والشابات في كل مجالات الحياة، أي لا تقتصر على الشباب فقط ولا تقتصر على الرياضة فقط.
ولعل من أهم الأسباب الهادفة إلى إنشاء وزارة للشباب والرياضة أن الجزء الأكبر من المجتمع السعودي ـــــ كما هو معروف، وكما أشارت الإحصاءات الأخيرة ــــ هم من فئة الشباب، كما أن هذه الفئة أصبحت لها مشاركة موضوعية في صياغة مستقبل المجتمع، وإن العناية بشؤونها وتطلعاتها أصبحت جزءا لا يتجزأ من تطلعات المملكة إلى المستقبل البعيد.
ونحن نقر بأن الإنجازات التي تحققت في مجالات الشباب والرياضة تحتاج إلى صياغات جديدة تلامس التطلعات العصرية التي يرنو إليها شباب وشابات اليوم بكل فئاتهما.
ولذلك يقتضي الأمر وضع استراتيجية للشباب تستهدف تحقيق كثير من الطموحات التي تتطلع إليها المملكة، وأن هذه الاستراتيجية يجب أن يضعها جهاز كفء وليكن وزارة الشباب والرياضة الذي من أهم مسؤولياته تنفيذ الاستراتيجية الشبابية بكفاءة واقتدار.
وإذا رجعنا إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب نجد أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب تصنف في علوم الإدارة الحديثة ضمن ما يعرف باسم «المؤسسات العامة» التي تنشئها الدول بغرض التحرر من ربقة الروتين الحكومي الذي يعرقل ــــ في كثير من الأحايين ـــــ المشاريع التي تحتاج إلى سرعة اتخاذ القرارات وسرعة تنفيذها.
ولدينا ضمن المؤسسات العامة التي على شاكلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب.. المؤسسة العامة لتحلية المياه، ومؤسسة النقد العربي السعودي، والهيئة العامة للاستثمار، والهيئة العامة للسياحة والآثار، ومجلس القضاء الأعلى، ومؤسسة صوامع الغلال، والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتقني والرئاسة العامة لتعليم البنات التي تم تحويلها بالدمج إلى وزارة التربية والتعليم. وواضح أن وزارة التربية والتعليم حققت كثيرا من الإنجازات لـ «تعليم البنات» مما يؤكد أن تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة للرياضة والشباب سيحقق للشباب والرياضة كثيرا من الإنجازات أيضاً.
وإذا شئنا أن نستعرض تاريخ الرئاسة العامة لرعاية الشباب، فإن الرئاسة بدأت في عام 1373هـ (1953)، حينما أنشأ وزير الداخلية الأمير عبد الله الفيصل ــــ يرحمه الله ــــ الإدارة العامة للرياضة والكشافة ضمن ملاك وزارة الداخلية، وأهم إنجازات إدارة الشؤون الرياضية في وزارة الداخلية إنشاء الاتحاد السعودي لكرة القدم ووضع أول تنظيم في تاريخ الدوري العام على كأس جلالة الملك، ودوري الكأس على كأس ولي العهد في عام 1377هـ (1957)، ثم صدر قرار مجلس الوزراء برقم 97 وتاريخ الأول من ربيع الآخر 1380هـ بنقل هذا الجهاز بكل كوادره وسجلاته إلى ملاك وزارة المعارف، ولكن بعد إنشاء وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تم نقل الجهاز الرياضي للرياضة الأهلية في عام 1382 (1962) من وزارة المعارف إلى ملاك وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أطلق ــــ لأول مرة ــــ اسم رعاية الشباب على هذه الإدارة، وكان أول مدير لرعاية الشباب في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الأخ العزيز الدكتور عبد الله العبادي، يرحمه الله، ثم جاء بعده الدكتور صالح بن ناصر، وأعقبه عبد العزيز الثنيان، ثم صالح القاضي، ثم الأمير خالد الفيصل، ثم الأمير فيصل بن فهد ــــ يرحمه الله.
وفي عام 1394هـ (1974) صدر قرار مجلس الوزراء رقم 560 في 23 ربيع الآخر 1394هـ بتشكيل المجلس الأعلى لرعاية الشباب برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ــــ يرحمه الله ــــ وتأسيس الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ونقل خدمات الأمير فيصل بن فهد من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب ليتولى منصب الرئيس العام.
وطوال ما ينوف على 38 عاماً حققت الرئاسة العامة لرعاية الشباب كثيرا من الإنجازات للرياضة السعودية، واليوم ونحن أمام خريطة جديدة للشباب في العالم العربي في أمس الحاجة إلى إعادة هيكلة الرئاسة العامة إلى وزارة للشباب والرياضة مع وضع هيكل تنظيمي جديد يتسم بالمرونة وحسن الأداء.
وأذكر بهذه المناسبة إن الصديق العزيز مصطفي بن علي الشاعر قال لي في عام 1404هـ إن والده علي الشاعر وزير الإعلام الأسبق ألمح بأن مجلس الخبراء في مجلس الوزراء وضع دراسة تؤيد تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة للشباب والرياضة، غير أن الأمير فيصل بن فهد ــــ يرحمه الله ـــــ لم يحبذ الفكرة آنذاك وفضل الإبقاء على الرئاسة العامة.
واليوم التاريخ يعيد نفسه أمام دور جديد للشباب في عالم شبابي يتحرك من خلال شبكة إلكترونية عالمية أو يتحرك في إطار ما يعرف بالإعلام الاجتماعي، وأعتقد أن طرح هذه الفكرة في الظروف الحالية مناسب إلى حد بعيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي