Author

ديون السجناء.. وضوابط السداد

|
وجه خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله تعالى ـــ بسداد ديون سجناء الحق العام والإفراج عنهم، وشكلت لهذا الغرض لجنة تضم أعضاء من وزارات المالية والداخلية والعمل مهمتها وضع ضوابط لاستكمال إجراءات إطلاق سراح السجناء المشمولين بالأمر الملكي القاضي بالعفو عن سجناء الحق العام والتسديد عن السجناء المدينين، ومن المتوقع أن يستفيد من هذه المكرمة عدد كبير من السجناء في مقدمتهم سجناء الحق العام، حيث يشملهم العفو وكذلك سجناء الحقوق المالية الخاصة المدينين في غير جرائم مالية مثل النصب والاحتيال والتزوير وتوظيف الأموال ونحوها من الجرائم المالية. وستبدأ لجان العفو في إمارات مناطق المملكة كافة في حصر عدد السجناء بعد تطبيق الضوابط عليهم وتحديد حجم الديون تمهيدا لرفعها إلى الجهة المختصة ثم إلى وزارة المالية لإجراء ترتيبات السداد للدائنين، وفي هذا رسالة إلى كل فرد في المجتمع أن عناية الدولة بأفراده تصل إلى أولئك الذين تورطوا دون سوء نية في التزامات مالية أثقلت كواهلهم وعجزت قدراتهم عن تحمل ما أسفرت عنه من حقوق للآخرين، كما أن مراعاة مصلحة المجتمع فوق كل الاعتبارات، حيث يجب أن يستفيد من العفو أصحاب الأيدي النظيفة من الإساءة إلى الآخرين، فأصحاب الجرائم التي تهدد المجتمع سيستثنون من العفو، حيث لن يكافأ الجاني على جنايته كما أن وجود سوابق جنائية وجسامتها سيؤثر في تحديد من يستفيد من العفو. ومن المتوقع أن يتم إطلاق سراح دفعة من السجناء خلال الأسبوع المقبل، كما ستكون الأولوية لذوي الاحتياجات الخاصة من المعوقين من السجناء والأيتام والأرامل وغيرهم من الفئات الأكثر احتياجا إلى سرعة تطبيق قرار العفو عنهم وهو إجراء سنوي، حيث يسبق دخول شهر رمضان المبارك عفو مماثل تراعى فيه ضوابط إصلاح السجناء لضمان استفادتهم من هذه المكرمة في كل عام. إن السجين أحد أفراد المجتمع وهو بانتمائه إلى أسرة هذا الوطن الكبير أحوج ما يكون إلى استشعار سبب دخوله السجن وتثمين موقف الدولة تجاهه ثم محاسبة نفسه وعقد العزم على عدم العودة إلى أي عمل تترتب عليه مسؤولية قد تعيده إلى السجن مرة أخرى، وبالفعل فقد عبر عدد من السجناء عن سعادتهم بالمكرمة الملكية بالعفو عنهم في الحق العام والسداد عنهم في الحقوق المالية. لقد حرصت القيادة الحكيمة لبلادنا على إصلاح شأن السجين والعمل على إعادته إلى المجتمع فردا صالحا قادرا على المساهمة بجهده في بناء هذا الوطن الكبير بقيادته وشعبه وطموحات أبنائه والنهوض به إلى أعلى المستويات وفي ميادين العمل والإنجاز كافة، وإن مقارنة يسيرة مع أحوال سجناء الحق العام في كثير من دول العالم تظهر حرص قيادتنا الرشيدة على الإفراج عن السجناء كلما سنحت لذلك فرصة بل وعدم خلق اليأس لدى أي سجين في إمكانية استفادته من العفو عنه ومساعدته على الاستفادة من تجربة الوقوع في أفعال يعاقب عليها الشرع أو النظام بالسجن، إضافة إلى أن منهج التعامل مع السجين ينطلق من اعتباره فردا في المجتمع ينتمي إلى أسرة تتمنى أن تتاح له فرصة العودة إلى الصواب وهو أمل سيتحقق ـــ إن شاء الله تعالى ـــ لأن النيات صادقة والقصد ابتغاء صلاح السجين في سلوكه وأخلاقه وضمان عودته للقيام بدور إيجابي في أسرته ومجتمعه.
إنشرها