Author

ملك أشغل نفسه وأشغل شعبه!

|
تقريبا كل يوم نحن على موعد لافتتاح مشروع .. أو وضع حجر أساس لآخر، حتى إن كثرة المناسبات أصبحت تربك المواعيد وتوجد الإحراجات وترهق المسؤولين. ويضاف إلى ذلك المؤتمرات والمنتديات العلمية الكبيرة والندوات الفكرية وورش العمل، وهذه لا تقل أهمية عن المشاريع، فهي جزء من الحراك الاجتماعي والفكري الكبير الذي يشهده مجتمعنا. الموارد المالية الكبيرة التي تحققت لبلادنا في السنوات الماضية ذهبت إلى الأرض، إلى ما ينفع الناس جميعا، ذهبت إلى ما يدفعهم إلى العمل وخدمة بلادهم، لقد وجه الملك عبد الله موارد الدولة إلى كل مجالات التنمية وفي المناطق الأكثر حاجة، لذا انشغل الناس خلف ما ينفعهم ويصلح شأنهم، لقد أشغلهم الملك بمشاريع البناء والتعليم الكبرى التي سوف يلمس الناس ثمارها الكبيرة في السنوات القادمة. الملك عبد الله زعيم أشغل نفسه بما ينفع شعبه، يتألم إذا عرف عن تأخر مشروع، يعطي بسخاء إذا عرف مواطن الحاجة الماسة، ولا يتردد في اتخاذ القرارات التي تخدم مصلحة شعبه وبلاده حتى إذا كانت قاسية ومؤلمة، وهذا هو موروث الملك المؤسس عبد العزيز ــ رحمه الله ـــ فهذا الوطن الموحد الكبير الذي له مكانته الإقليمية والدولية والذي لديه شعب طموح يتطلع إلى ما يليق به وببلاده، هذا الوطن لا يمكن لملك أن تقر عينه ويرتاح له بال وهو على سدة الحكم لوطن كبير.. فالحكم مسؤولية عظيمة أمام الله وأمام الناس. لكن هذا قدر الزعماء الذين يشغلون شعبهم بما ينفعهم، فالهدف الكبير والغاية النبيلة لا بد أن تكون خلفها نفوس كبار وهمة عالية.. وهذا له ثمنه، فكل شيء في الحياة له ثمن، ومن يكون هدفه الإنجاز والبناء الذي يكون له ثمرة، يكوّن أثرا إيجابيا ينعكس على الناس في حفظ حقوقها الأساسية وحفظ كراماتها، لا بد أن يتعب.. البناء صعب جدا. لقد غاب عنا الملك ـــ حفظه الله ـــ بضعة أشهر، وفي هذه المدة خرج من الأرض الكثير من المشاريع والتحق بمؤسسات التعليم في الداخل والخارج آلاف الطلاب، وأجريت آلاف العمليات الجراحية.. إنه مشروع حياة وبناء. طبعا ليس كل ما يريد الملك وحكومته قد تحقق.. ولا حتى ما يريده شعبه. أمامنا الكثير لننجزه، وفي عمر البناء هناك مراحل لا يمكن تجاوزها وحرقها.. المهم أن مسار البناء في مساره الصحيح، والحمد لله أننا في مسار البناء الذي يستهدف إصلاح حياة الناس، وفي مسار البناء العظيم والواسع لا بد أن يحدث التقصير وتحدث الأخطاء وتقع التجاوزات، ومنها ما هو متعمد وهذا فساد، ومنها ما يقع بحكم أن التجربة الإنسانية هي رحلة للمحاولة والخطأ، فليس كل مجتهد مصيبا. وهذا هو مشروع الوطن القادم.. أن نبدأ مسار الدراسة والتحليل لمشاكلنا، وهذا ضروري لتطوير الحراك الاجتماعي، وأيضا مهم لنقل مجتمعنا إلى تعظيم منفعة العقل والتفكير العلمي السليم، الذي يستثمر ما تبنته الدولة عبر مؤسسات التعليم ومراكز الأبحاث في الداخل والخارج. فنحن لدينا الكثير من مقومات الحياة الكريمة، ولدينا البنية الأساسية لاقتصاد قوي منتج، ولدينا الإرادة السياسية التي تضعنا دائما في مسار المصلحة العليا لبلادنا.. إن لدينا ما نبني عليه ونخاف عليه.
إنشرها