Author

القيمة العادلة للعقار

|
هناك صراع فكري قوي بين المدرستين الكلاسيكية والتفسيرية حول قياس الأحداث المالية للوحدات المحاسبية خلال الـ 100 عام الماضية، امتد أثره إلى إعداد معايير المحاسبة بشكل مباشر، ولقد استمدت جل معايير المحاسبة حول العالم، خاصة في الولايات المتحدة، قواعد القياس المبنية على أفكار المدرسة الكلاسيكية، حيث الاهتمام بالإجراء المحاسبي دون النظر لواقعية نتائجه، الذي هو محور نظرة المدرسة التفسيرية. لقد بدأ هذا التوجه في التحول خلال العقد الماضي لمصلحة مدرسة الواقع الاقتصادي، حيث تم إحلال قياس القيمة العادلة كأساس للاستثمارات المعدة للمتاجرة والمتاحة للبيع بدلا من التكلفة أو السوق أيهما أقل، ومنذ ذلك الحين والعدوى تطول عناصر القوائم المالية الأخرى، وقد نصل يوما أن تتم إعادة تقييم جميع عناصر القوائم المالية كالعقار والمخزون إلى قيمها السوقية بدلا من النظرة الكلاسيكية المتشبهة بالتكلفة كأساس وحيد للقياس المحاسبي. نعلم أن معايير المحاسبة الدولية تجيز إعادة تقييم الممتلكات والعقارات بقيمها العادلة (السوقية) ولحالات وبشروط محددة، ولقد تردد واضعو معايير المحاسبة الأمريكية لسنوات طويلة في تطبيق القيمة العادلة كأساس لقياس عنصري الأراضي والمباني المقتناة لغرض الاستثمار، الآن هناك توجه كبير في تعديل تلك القيم سيحدث زلزالاً كبيراً ومؤثراً في القوائم المالية لمئات الشركات العقارية المدرجة في الأسواق المالية الأمريكية، مثل شركتي سايموت قروب SPG.N، ويو سفن للاستثمار BXP.N وغيرهما، مما سيضاعف قيم ممتلكاتها، إذا ما تم تعديلها من التكلفة إلى القيمة السوقية، كما أن شركات أخرى ستتأثر سلبياً نتيجة تطبيق هذا المبدأ لكون أصولها مشتراة حديثا وتكلفتها تقل أحيانا عن قيمتها العادلة. لقد وجد هذا التوجه ترحيباً من قبل فئات متعددة من المستفيدين وانتقادا من القلة، ويتوقع أن يصدر مجلس معايير المحاسبة الأمريكي FASB خلال هذا العام مشروع معيار إعادة تقيم الممتلكات، فإذا ما تم قبوله وتطبيقه، فإن هذا توجه واضح لمقاربة معايير المحاسبة الأمريكية مع الدولية؛ وسنرى مستقبلاً توجهاً لإعادة تقييم عناصر أخرى، قد يمتد أثره إلى قائمة الدخل، وبالتالي مكررات الربحية للشركات. فكما هو معلوم فإن معايير المحاسبة السعودية، خاصة معيار الأصول الثابتة، تمنع منعاً باتاً إعادة تقييم الأصول بما فيها الأراضي والمباني بأعلى من تكلفتها، إلا أنه يلزم إجراء اختبارات التأكد من عدم انخفاض قيمها، حيث تتم إعادة تقييمها في هذه الحالة. أعتقد أنه آن الأوان لإعادة دراسة إمكانية إعادة تقييم العقارات في القوائم المالية للشركات وإظهارها بقيمتها العادلة تمشيا مع الاتجاه العالمي شريطة توافر البنية الأساسية للتأكد من تلك القيم، بما في ذلك توافر مهنة تثمين محترفة تعتمد على أساليب علمية ومهنية لتثمين العقارات، هذا التوجه قد يقتضي أخذه في الاعتبار من قبل محللي القوائم المالية والمستثمرين والمستفيدين الآخرين. والله أعلم،،،
إنشرها