Author

القطاع سيشهد نموا في الطلب واستقرارا في الأسعار «البتروكيماويات» تواجه تحدي «الحمائية» في 2011

|
تتجه أنظار الكثير من المهتمين سواء كانوا مستثمرين أو مسؤولين إلى قطاع البتروكيماويات وذلك لما يشكل هذا القطاع من أهمية بالغة. إن اهتمام الدولة ينطلق من أن هذه الصناعة تعتبر أكبر صناعة سعودية بل وأكبر قطاع تجاري منتج ومصدر. فمن جانب المستثمرين فقطاع البتروكيماويات يعتبر أكبر قطاع مؤثر في سوق رأس المال السعودي (سوق الأسهم)، وكذلك إجمالي أرباح السوق السعودي أغلبها من هذا القطاع، بل إن أرباح شركة سابك فقط تعادل تقريبا أرباح ثاني أكبر قطاع في السوق وهو قطاع البنوك، ومن هنا تشكلت الأهمية لهذا القطاع الحيوي. إن أسعار المنتجات البتروكيماويات مثل أي منتج يخضع لقاعدة العرض والطلب، إلا أن هناك عامل مؤثر في هذه القاعدة وهو أسعار الغاز المصاحب والذي غالبا ما يستخرج مع النفط، ومن هنا بدأ ارتباط أسعار المنتجات بتحركات النفط، إلا أن حركة أسعار المنتجات تكون أبطأ من التحركات السعرية للنفط، وذلك يعود إلى أن أسعار المنتجات لا توجد لها أسواق فورية مثل النفط والأسهم والسلع، لذلك يكون الأثر في سعر النفط فوريا وحاليا بينما تأخذ المنتجات وقتا أطول حتى يبدأ التأثير. مما سبق يتضح لنا المؤثر الرئيس في أسعار المنتجات وهو النفط فلذلك العوامل التي تؤثر في النفط تؤثر في البتروكيماويات. فلو أخذنا سلعة النفط وسلطنا الضوء عليها فسوف نجد صعوبة كبيرة في تحديد اتجاهها وذلك لصعوبة دراسة العوامل المؤثرة فيها وخصوصا العوامل السياسية التي تعتبر اللاعب الأساسي في تحركاته، فلذلك نشاهد فشل كثير من بيوت الاستثمار والخبراء في تحديد السعر العادل للنفط، بينما غالبا ينجح السياسيون في توقع المناطق العادلة فلو أخذنا تصريح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ وتصريح وزيري النفط السعودي والقطري نجد أنها اتفقت على أن سعر النفط العادل من 70 دولارا إلى 80 دولارا والتصريح الأخير لوزير النفط الكويتي بتحديد السعر العادل بين 85 و90 دولارا، بينما نشاهد أن كثيرا من بيوت الاستثمار ترى أن السعر العادل للنفط من 100 دولار إلى 110 دولارات، وهنا يجب أن نعود إلى ما قبل الأزمة عندما صرحت الحكومة السعودية متمثلة في وزير النفط المهندس علي النعيمي عندما تجاوز النفط 100 دولار صرح بأن الذي يحدث قائم على المضاربة وليس الطلب، بينما كانت بيوت الاستثمار تبالغ في الأسعار العادلة. وقد صدق في تلك الفترة تقدير السياسيين وأخطأ المحللين. بالعودة إلى تلك التصريحات الرسمية من قبل أكبر منتجي النفط أجد أنها أكثر منطقية، فالاقتصاد العالمي لا يتحمل ارتفاع أسعار الطاقة في ظل تبعات الأزمة العالمية، ولهذا نجد أن الدول المنتجة للنفط قدمت المصلحة العالمية على المصلحة الشخصية، فارتفاع أسعار النفط سيخدم الدول المنتجة على المدى القصير لكنه سينعكس عليها على المدى الطويل، حيث إن ارتفاع أسعار الطاقة سيؤثر في التعافي العالمي والتضخم، بينما استقرار أسعار النفط سيخدم الجميع منتجين ومستهلكين. مما سبق ذكره ينطبق على المنتجات البتروكيماويات إلا أن هناك جانب آخر ومهم للغاية وهو سلاح ذو حدين على منتجين البتروكميكل والذي يتمثل في أهمية تجاوب أسعار المنتجات بنسبة ارتفاع أسعار النفط والغاز نفسه. أما على مستوى المنتجين للمواد البتروكيماوية نشاهد أن هناك تصريحات لمديرين ومسؤولين لشركات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وهي تصريحات متفائلة وأبرز هذه التصريحات ظهرت من المهندس خالد الفالح مدير شركة أرامكو والمهندس محمد الماضي مدير شركة سابك والمهندس مطلق المريشد مدير شركة ينساب والمهندس سليمان المنديل العضو المنتدب لشركة المجموعة السعودية، والتي تنصب في إطار رؤيتهم في تعافي الطلب وانتعاش الأسواق، وليس كما ذهبت بعض الآراء في حدوث ارتفاعات قوية بالأسعار ويثبت لنا ذلك تصريح المهندس محمد الماضي، حيث صرح أنه سيكون هناك نمو في الأسعار 4 في المائة خلال عام 2011 وهي نسبة نمو منطقية ولا تضر بالمستهلكين ولو نظرنا إلى أسعار المنتجات الحالية وقارناها بالماضي سنجد أن الأسعار الحالية هي قريبة من متوسط أسعار عام 2005 و2006 ومنتصف عام 2007، بينما ما حدث بعد ذلك هي فقاعة، وهذا يثبت لنا أن التفاؤل كان بعودة الطلب وليس ارتفاع الأسعار. وحتى نحلل سبب التفاؤل نحتاج إلى تسليط الضوء على أهم المناطق التسويقية للشركات السعودية وهي شرق آسيا وأوروبا وأمريكا, فبالنظر إلى شرق آسيا والتي تتمثل في الصين فإن الصين هي من قاد الاقتصاد العالمي إلى التعافي بل أن العالم كان يسير على عجلة الصناعة الصينية، ولذلك استمر الاقتصاد الصيني يسجل نمو في 2009 و2010، بينما كانت الاقتصاديات الأخرى مثل أمريكا وأوروبا تثقل على العالم بأزماتها. وحتى الآن الدراسات تدل على استمرار النمو في الصين بل أن هناك دراسات تدل على أن الصين في 2016 ستكون أكبر اقتصاد عالمي وبعض الدراسات تقول في 2020، أما من ناحية أوروبا فإن انخفاض اليورو سيسهم بارتفاع الطلب على المنتجات الأوروبية. أما من الجانب الأمريكي فإن خطة التيسير الكمي والتي تهدف إلى تحفيز الطلب فأعتقد أن المركزي الأمريكي نجح في تحفيز الطلب بالخطة التي استخدمها فهو يحاول أن يقلب الانكماش إلى تضخم أو يخلق خوفا لدى القطاع الخاص من التضخم فبالتالي يبدأ القطاع الخاص بالإنفاق. مما سبق يتضح لنا أن في عام 2011 سيكون هناك نمو بطلب على المنتجات البتروكماويات وشبه استقرار في الأسعار وإذا واكب الطلب فقاعة في الأسعار فإن هذا دلالة على وجود خلل، وقد تكون هناك مشكلة اقتصادية قادمة إلا أن هناك خوف في انتقال العدوى من حرب عملات إلى حرب حمائية للمنتجات عامة، وقد بدأت هذه الحرب قبل عام تقريبا عندما فرضت أمريكا ضرائب حمائية على السيارات المصنعة بالصين وكان رد الصين على هذه الإجراء سريعا فبعد يومين من هذا القرار فرضت الصين ضرائب حمائية على المنتجات الغذائية الأمريكية (منتجات الدواجن)، كما طالبت شركات الطيران الأوروبية بالحماية من الشركات الطيران الخليجية، وكذلك ما قامت به الهند حين فرضت رسوم حمائية على البولي بروبيلين المنتج في الخليج. في رأيي أعتقد أنه ستكون هناك حرب حمائية قد تضرب باتفاقيات منظمة التجارة الدولية إلا أني أستبعد أن تكون الحرب في صناعات البتروكماويات قوية والسبب يعود لطبيعة هذه الصناعة والتي نوعا ما تكون محتكرة للدول التي تمتلك الغاز بعكس الصناعات الأخرى مثل السيارات والأثاث والمعدات وغيرها التي تحمل في طبيعتها منافسة عالية.
إنشرها