Author

على «المتخندقين» لحرب العملات أن يأخذوا الهند في الحسبان

|
بعد القمة المخيبة للآمال التي عقدتها مجموعة العشرين في سيئول، ربما يبدو أن اندلاع حرب عملات مكتملة العناصر تماماً أمر لا يمكن تفاديه. لكن لنأخذ الهند في الحسبان. ففي الوقت الذي يلجأ فيه مزيد من البلدان إلى وضع ضوابط على رأس المال والتدخل في العملات، تظهر الهند أن هناك طريقاً آخر. منذ أن غيرت نواياها قبل نحو عامين، توقفت الهند عن التدخل في الأسواق للسيطرة على سعر الصرف. ولم تحذ حذو البلدان الأخرى، من البرازيل إلى تايلاند، بوضع ضوابط جديدة على رأس المال. وعلى النقيض من الصين والبلدان الميركانتالية الشرق آسيوية، ليس لديها فائض تجاري ولا تصر كذلك على إمطار البلدان الغنية بالمدخرات الفائضة التي لا تستفيد منها. وبدلاً من ذلك تدير الهند اقتصادها كما تملي كتب المقررات على بلد نام أن يفعل. وهي تدير عجزا تجاريا، وبالتالي تساهم في تعافي العالم الغني، وتستورد رأس المال لتساهم في تخليص سكانها من الفقر، وتسجل نموا بنحو 8 في المائة سنوياً. بالنسبة إلى كثير من المراقبين، بمن فيهم الهنود، نجحت البلاد لأنها أبقت الضوابط على رأس المال دائماً، حتى لو لم تفرض ضوابط جديدة في الآونة الأخيرة – مثلا، تبقى سوق السندات فيها مغلقة إلى حد كبير أمام الأجانب. وعلى الرغم من أن الهند تبقي، وفقا للقانون، قيوداً على تدفقات رأس المال، إلا أن تكاملاً فعلياً مع العالم تطور بشكل دراماتيكي – حسبما جادل آجاي شاه، من المعهد الوطني للتمويل العام والسياسة في الهند. وقفز إجمالي التدفقات العابرة للحدود من الأموال من نحو 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للهند إلى أكثر من 120 في المائة خلال العقد الماضي. وتستطيع نحو 500 شركة هندية متعددة الجنسيات الوصول إلى أسواق رأس المال العالمية، وبإمكانها توجيه السيولة إلى داخل بلدها وخارجها. وحينما تتوافر عولمة التجارة والاستثمار، فليس باستطاعة الحكومة أن تقمع عولمة رأس المال. وإذا أصبحت الهند منفتحة بشكل يدعو إلى الدهشة، فهل ستبقى كذلك في وجه صعوبات يومنا هذا؟ وتلاعب الصين بسعر صرف عملتها يشجع منافسيها التجاريين على تخفيض قيمة عملاتهم، ويشجع المتلاعبين على دفع الرساميل باتجاه اقتصادات لا يتم التلاعب بأسعار عملاتها، الأمر الذي يؤدي إلى رفع سعر الصرف في هذه الاقتصادات ويهددها بحدوث فقاعات أصول. وبعبارة أخرى، كلما زاد تدخل بعض الحكومات يصبح الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للحكومات التي لا تتدخل كي تتمسك بمبادئها. ومع ذلك تبدو الهند، حتى الآن على الأقل، ملتزمة بأنموذجها المنفتح. ولعب بنك الاحتياطي الهندي أخيرا دور المحارب المناهض للعملة، رافعا أسعار الفائدة ومخاطرا بوجود روبية أقوى. ما الذي يفسر قرار الهند؟ إن البلاد دون أدنى شك ليست حصينة ضد مخاطر فقاعة الأصول. ووصل الاكتتاب العام الأولى الأخير الذي نفذته الحكومة لشركة الفحم التي تملكها الدولة، إلى نحو 15 ضعفاً، وزايد المستثمرون على ما قيمته 54 مليار دولار من الأوراق، أي ما يكفي لبناء 25 مطاراً شبيهاً بالبنية التحتية الجديدة الرائعة للمطار الذي تم افتتاحه للتو في دلهي. لكن على الأقل بعض قادة المال في الهند يدركون أنه من أجل ترويض الطلب المتزايد على الأسهم ينبغي حدوث ارتفاع مماثل في عرض الأسهم. واصطفت خلف شركة الفحم أعداد من شركات الدولة الأخرى الناضجة للتخصيص. وبواسطة الاكتتابات العامة الأولية، بإمكان الهند أن تحصل على رأس المال الخارجي، وتحول تدفقات المحافظ ‘’الساخنة’’ إلى شيء أشبه إلى حد كبير بالاستثمار الأجنبي المباشر. بطبيعة الحال، لن يمنع إصدار أسهم جديد ارتفاع سعر صرف الروبية. لكن، مرة أخرى، يرى معظم القادة الهنود أن هناك حجة للتمسك بأنموذج البلاد المفتوح. ولا يريدون فرض ضوابط جديدة على رأس المال، لأنهم يعرفون أنها ستكون قابلة للنفاذ من خلالها، فضلا عن أن إدارتها تشكل كابوسا. ويرفضون التدخل ضد رفع قيمة العملة، لأنهم يرون أن أفضل طريقة لاختطاف تدفقات الأموال الساخنة ربما تسمح برفع قيمة العملة – عند مستوى معين سيخشى المستثمرون من أن تغير قيمة الروبية اتجاهها وتصيبهم بالخسائر. وعلى مؤيدي التدخل المتحمسين في يومنا هذا الانتباه إلى ذلك. فهم يحددون رهانات باتجاه واحد للمتداولين. وتعرف صناديق التحوط أن العملة الكورية الجنوبية ‘’الوون’’ سيتم تخفيضها بشكل مصطنع من جانب الحكومة، وعلى الأرجح أن ترتفع قيمتها بناءً على ذلك، بدلا من أن تنخفض، وبالتالي سيمطرون سيئول برأس المال، ويزيدون من مشكلة التدفقات الساخنة التي تحاول كوريا جاهدة تخفيفها. وإذا التزم قادة الهند بسياساتهم المفتوحة، وإذا استوفى المتدخلون الجدد قصاصهم، فإن سيطرة الدولة الحالية على الاقتصاد يمكن أن تبرهن أنها قصيرة الأجل. الكاتب زميل رفيع المنصب في مجلس العلاقات الخارجية البريطانية. ( فاينيشال تايمز).
إنشرها