Author

الضعف الفكري في استراتيجيات حل المشكلات

|
تختلف المجتمعات وفق عاداتها وتقاليدها وثقافتها الاجتماعية، وبذلك فلكل مجتمع نقاط من القوة ونقاط أخرى من الضعف وليس المشكلة في وجود الأخطاء فحسب، ولكن المشكلة الأكبر تكمن في الاسترسال في الأخطاء، وتجاهل الكيفية التي يتم التعرف بها على الطرق الصحيحة في الارتقاء بالمجتمع، ولن يكون ذلك إلا بالتغيير الفعلي لثقافة الفرد وتوجيهها إيجابيا لمصلحته، الأمر الذي ينصب في النهاية في مصلحة المجتمع، فكما هو من المهم أن يعيش الفرد في بيئة خالية من الأمراض المعدية حتى لا تلحق به العدوى فيمرض، فمن المهم أيضا أن يعيش في بيئة اجتماعية صحية حتى تنمو أفكاره نموا سليما يخلو من مكامن الجهل الفكري، والذي يعد سببا رئيسا في وقوع المجتمع تحت دائرة الأخطاء بشكل واضح، خاصة إذا تجاهل ذلك المجتمع قنوات التوعية الإعلامية، ومصادر التعلم، وطوى ذاته على أفكار تدور حول محور ضيق لا يتجاوز القصص والخزعبلات الفردية التي تحور بالتالي عقلية الفرد تحورا سلبيا يكون في النهاية هو الحصيلة لثقافة مجتمع ما. إن تجارب كثيرة، ربما لا عدد لها تنشر باستمرار عن استغلال بعض الأفراد في عمليات السحر والشعوذة مقابل تسلم مبالغ مالية ضخمة من هؤلاء الأفراد الذين طمست عندهم درجة الوعي لدرجة جعلتهم يقبلون على شراء زجاجة الماء بأكثر من ألف أو ألفين ريال بمجرد أن تلك الجماعة المشعوذة أوهمتهم بوجود ما ينفعهم فيها دون أدنى دليل بمصداقية ذلك! والسؤال المهم .. لماذا نسمع باستمرار عن مثل هذه الحالات مع أن التوعية الإعلامية في هذا المجال بذلت جهدا جبارا في توضيح كثير مما يخص تلك الأحداث؟ لماذا تظل ثقافتنا الاجتماعية تحتوي مثل تلك التجارب المريرة دون أدنى تنقية فكرية لما يحدث من قبل أولئك المجرمين الذين يستغلون نقاط الضعف، سواء من مرض أو اضطرابات نفسية أو أسرية أو غيرها؟ لماذا يظل البعض يستجيب لتلك الخرافات حتى تجاوز الأمر السرقة فوصل إلى الاستغلال والاغتصاب في أحداث ليست بقليلة! لماذا الثقافة الاجتماعية لدى البعض تفرض عليه أن يكون غافلا أو (مغفلا)، فلا يجيد وضع محكات ناجحة في اختيار الطريق الصحيح لخروجه من مشكلاته أو حلها سوى اللجوء إلى أصحاب السحر والمشعوذين!! وما الفائدة من الجوانب التعليمية والشهادات أيا كانت مقابل تلك الأفكار السطحية الخاطئة، إن الجريمة الكبرى أن يتوارث ذلك الجهل الفكري ليشكل تراثا اجتماعيا لدى البعض، أولئك الذين بدورهم يورثونها لأبنائهم وأحفادهم دون أن يكون هناك أي مجهود لتكوين فكر انتقائي إيجابي ليصبح الدليل السليم لحل المشكلات.
إنشرها