Author

هل ينجح توطين صناعة السيارات؟

|
لا أحد يجادل في أن توطين صناعة السيارات في المملكة تأخر كثيراً رغم أن المملكة أكبر بلد عربي مستورد للسيارات، ففي المملكة حاليا حوالي 4.5 مليون سيارة، يزداد عددها سنويا بحوالي نصف مليون سيارة، والغريب أن صناعة أو تجميع السيارات في المملكة بدأ منذ سنوات عبر تجميع الشاحنات والباصات، في حين تأخر كثيراً في مجال سيارات الركاب ـــ رغم أهميته ـــ لأسباب عديدة من أبرزها سهولة الاستيراد. تجارب تصنيع السيارات في عالمنا العربي، تسمى تصنيع من باب التجاوز، وإلا فهي تجميع، بحيث يتفق مع إحدى الشركات العالمية على جلب قطع السيارات مع تعديل بعض المواصفات وتصنيع بعض القطع في الداخل، ومن ثم تخرج السيارة تحمل اسماً وطنيا، وتجربة التجميع برزت في مصر وسوريا والمغرب وتركيا وإيران وماليزيا، وأصبحت السيارات المصنعة محلياً في هذه الدول تحظى بانتشار كبير، بسبب انخفاض السعر، والقيود التي تفرض على الاستيراد. وتصنيع السيارات في الداخل، يحمل مغزى وطنياً، ويحقق فوائد عديدة، من أبرزها المنافسة في السعر، وتوافر مراكز الصيانة وقطع الغيار بشكل أوسع، إضافة إلى إمكانية إجراء تعديلات تتطلبها السوق، وتوفير أرضية مناسبة لقيام صناعة حقيقية للسيارة، ثم الانتقال إلى مرحلة التصدير، وهو الوضع الذي وصلت إليه ماليزيا الآن على سبيل المثال، رغم أنها بدأت في تصنيع سيارات "بروتون" عام 1985م بالتعاون مع شركة ميتسوبيشي. جامعة الملك سعود تبنت هذا الأمر بعد أن أحجمت عنه كثير من الشركات المعنية باستيراد السيارات، وغيرها من الشركات الصناعية الكبرى، فقامت الجامعة بتوقيع اتفاقية تعاون مشترك مع شركة ديجم الكورية لصناعة السيارات بهدف تأسيس منظومة لتطوير السيارات والتقنيات المرتبطة بها، وقال الدكتور عبد الله العثمان مدير جامعة الملك سعود عقب توقيع الاتفاقية إن الجامعة ستدخل في تأسيس شركة سيكون رأسمالها 500 مليون دولار، تملك الشركة الكورية منها قرابة 30 في المائة، فيما تملك شركة وادي الرياض للتقنية 10 في المائة، وستكون نسبة 60 في المائة الباقية متاحة للمؤسسات الاستثمارية سواء حكومية أو صندوق الاستثمارات أو شركات المساهمة الأخرى, وأشار الدكتور العثمان إلى أن نماذج التصميم للسيارات المقترحة بين الجامعة والشركة الكورية، خصوصاً النموذج الاقتصادي منها لا يستهدف السوق المحلية فقط، وإنما يستهدف الدول المجاورة أيضاً، مضيفا أن السيارة التي ستقدم للسوق السعودية أو للدول المجاورة يجب أن تتوافر فيها عدة مزايا من أهمها، أن تكون اقتصادية، وأن تكون لديها متانة، وأن تكون ذات جودة عالية، إذا أردت أن تكسب السوق المحلية، والسوق المجاورة, ويجب أن يكون سعر السيارة في حدود 35 ألفا إلى 45 ألف ريال في سيارة خمسة ركاب، وتوقع أن يتم طرح السيارة في السوق بعد عامين. الرهان على تصنيع السيارات في بلادنا رهان ناجح إذا لم تواجهه معوقات، خاصة ممن يرون أنه سيستأثر بحصة كبيرة من سوق السيارات ستقتطع مما يستوردونه، كما أن تجربة التصنيع محلياً، إضافة إلى ما ستوفره من فرص عمل، وتوطين للتقنية، وإيجاد صناعات مصاحبة، ستكون عاملا منافسا يحد من ارتفاع أسعار السيارات المستوردة، ويرفع من مستوى جودتها، خاصة بعد أن أصبحت السوق السعودية مستهدفة من شركات لا تمتلك الخبرة الكافية في تصنيع السيارات، ولا تتمتع سياراتها بالجودة المطلوبة، وتسعى إلى الدخول إلى السوق معتمدة على رخص أسعار سياراتها، وضعف الاشتراطات التي تحمي المستهلك.
إنشرها