Author

التركيبة السكانية تدق ناقوس الخطر!

|
التركيبة السكانية لدول مجلس التعاون الخليجي في خطر، وحان الوقت لمراجعة هذه التركيبة قبل أن نصحو على مشكلة قد تستعصي على الحل وقتها. فقد صدرت مؤخرا نشرة اقتصادية عن الأمانة العامة لدول مجلس التعاون تشير إلى عدة حقائق خاصة بوضعية السكان وانعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية بهذه الدول.. أهمها أن السكان ينمون بمعدلات عالية، فقد بلغ متوسطها 3.6 في المائة، كما أن 40 في المائة من هذه الزيادة نتيجة تدفق الأيدي العاملة الأجنبية، خصوصا العمالة الآسيوية. وتشير النشرة إلى أن إجمالي الوافدين من مجموع السكان بلغ 36 في المائة.. ففي حين بلغ مجموع السكان 37.5 مليون نسمة، فإن الوافدين بلغوا 13.5 مليون. أيضا تشير النشرة إلى أن نسبة العمالة الأجنبية بلغت ما بين 60 إلى 85 في المائة من مجموع العمالة في دول المجلس. وهذه أرقام خطيرة تؤكد ضرورة إعادة النظر في التركيبة السكانية لدول المجلس. ولذلك يرى محللون أن هذه المؤشرات تقتضي ضرورة إجراء مراجعة شاملة للسياسات السكانية بهدف تحقيق توازن سكاني في دول المجلس للتغلب على هذا الخلل في التركيبة السكانية. لكن هؤلاء المحللين يرون أن التحدي الرئيسي الذي سيواجه تنفيذ هذه السياسات هو تنمية الموارد البشرية الوطنية بدول المجلس، خصوصا أن القوى الوطنية العاملة لا تتجاوز 15 إلى 35 في المائة من إجمالي قوة العمل. وكما يرى المحللون أنه من المتوقع أن ترتفع أعداد خريجي المدارس الثانوية خلال السنوات الخمس المقبلة لتصل إلى نحو 8 في المائة سنويا، ومع توجه أعداد متزايدة من هؤلاء الخريجين إلى سوق العمل سنويا سيصبح العثور على فرصة عمل أكثر صعوبة في الوقت الذي تملك فيه دول المجلس إمكانات كبيرة لخلق فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية. فهناك حاجة لخلق فرص عمل لنحو مليون شخص في دول الخليج، وذلك خلال السنوات العشر المقبلة. وحتى يمكن توفير وظائف لهؤلاء يصبح من الضروري إيجاد نظام جيد للتدريب واختيار واستخدام هذه العمالة وإدخال تعديلات جوهرية على أنظمة التعليم التي ظل دورها محددا في الوفاء بمتطلبات مجتمعاتها من المهارات والأيدي المدربة تدريبا جيدا. ومن المهم والضروري وضع برامج تثقيفية واجتماعية توضح أهمية العمل وقدسيته، خصوصا الأعمال الفنية والحرفية التي لا تزال أعداد كبيرة من أبناء مجلس التعاون يعزفون عنها. وأعرف أن كبار المسؤولين في مختلف دول المجلس قد أكدوا ضرورة إعطاء الأولوية إلى أبناء البلاد، فإن عملية توطين الوظائف ظلت مقصورة في الغالب على القطاع العام. فهنا يأتي دور القطاع الخاص ليقوم بدوره في فك الاشتباك في هذه القضية، خصوصا أن القطاع سوف يقوم بالدور الأهم في التنمية خلال السنوات القادمة. ولذلك فإن معظم الوظائف التي سوف تتوافر في العقدين القادمين ستكون في القطاع الخاص، خصوصا في المهن الفنية وليست المكتبية. إننا ندق ناقوس الخطر، حتى لو كان ذلك متأخرا. فالحلول ما زالت ممكنة. وأعرف أن هناك خططا جاهزة، لكن يبقى تفعيل هذه الخطط ووضعها موضع التنفيذ، حتى لا نبكي يوما على اللبن المسكوب.
إنشرها