Author

قطار المشاعر والاستفادة منه بعد موسم الحج

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
قطار المشاعر هو واحد من الإنجازات التي تقدمها الحكومة لخدمة حجاج بيت الله؛ لتبرز ما لهذه الشعيرة العظيمة من أهمية وأولوية مطلقة لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين؛ تقربا إلى الله، حيث إن خدمة الحرمين الشريفين من نعم الله على هذا الوطن، التي يعتز بها كل مسؤول في هذه البلاد، بدءا من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أدام الله عليه لباس الصحة والعافية - إلى كل مواطن بهذه البلاد. قطار المشاعر يأتي كأبرز المنجزات لحج هذا العام، حيث يقدم خدمة متميزة للحجيج بتسهيل عملية التنقل بين المشاعر وتخفف حجم مشقة التنقل، سواء بوسائل المواصلات أو على الإقدام. ولا شك أنه يؤكد حجم الاهتمام الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين للحجيج. ولكن هناك قضية مهمة ستبرز بعد انتهاء موسم الحج وبعد الانتهاء من هذه الشعيرة العظيمة، وهو أن هذا القطار يمثل خدمة مهمة، ويعتبر في مدن كثيرة في العالم جزءا رئيسا من البنية التحتية لتقديم خدمة النقل العام في تلك المدن، فهل من الممكن الاستفادة منه بعد موسم الحج أم أنه سيبقى بقية العام متوقفا إلى موسم الحج المقبل، وإذا كانت ستتم الاستفادة منه فكيف سيتم ذلك؟ الحقيقة أن هذا المقال لا يركز فقط على قطار المشاعر، فنحن نعلم أن الحكومة فيما يتعلق بخدمة حجاج بيت الله لا تنظر إطلاقا إلى العائد المادي، بل الشواهد لا تكاد تحصى على ذلك، وذلك - وكما هو معروف - أن خدمة ضيوف بيت الله أولوية قصوى لحكومة خادم الحرمين الشريفين، والإنجازات تحكي أكثر مما تحكيه الأقلام والألسن. ولكن ما يراد أن يتم الالتفات إليه هو أنه كيف يمكن أن يتم تعظيم الاستفادة من البنى التحتية التي تقدمها الحكومة، إضافة إلى الاستثمارات الكبيرة للقطاعين العام والخاص، التي تجد أن الاستفادة منها تتركز على مواسم محددة، ثم بعد ذلك لا يستفاد من هذه المنشآت لفترة طويلة مع استمرار المصاريف التشغيلية والصيانة لهذه المنشآت والخدمات، وهذا واضح في وسائل النقل بمختلف أنواعه، وإشغال المناطق السياحية، وبعض المنشآت التي ترتبط بالمواسم مثل الحج وغيرها. ومن أمثلة ذلك قطار المشاعر، الذي إن لم تتم الاستفادة منه خلال العام فإنه سيتم إشغاله لمدة لا تزيد على خمسة أيام، ثم يتوقف بقية العام. الحقيقة أن مثل هذا الموضوع ينبغي أن يتم العمل على وضع خطط بغرض تعظيم الاستفادة من هذه الخدمات؛ لأنها فعليا تحقق عائدا لتلك المنشآت، وتطور من مستوى الخدمة والاستفادة للمجتمع، سواء المواطن أو القطاع الخاص أو المجتمع، وفي مقال سابق تم التطرق لمسألة الاستفادة من البنية التحتية لبعض المدن السياحية في المملكة، التي يتم إشغالها في فترة محدودة، وذلك خلال إجازة الصيف، وبما أن شهر رمضان أصبح يأتي ضمن هذه الإجازة فإن مدة إشغال الخدمات في تلك المدن أصبح لا يتجاوز فترة محدودة من إجازة الصيف، ولو عقدنا مقارنة لوضع المدن السياحية في المملكة مع المدن السياحية في العالم، لوجدنا أن هناك فرقا في هذه المسألة بالذات، فصحيح أن تلك المدن السياحية في العالم يتم الازدحام فيها في فترة محددة من العام، لكن يتم في الفترات الأخرى من العام العمل على برامج تدعم الاستفادة من الخدمات الموجودة في تلك المدن بما يدعم فرص استفادة المواطن والقطاعات الحكومية والقطاع الخاص، وجذب الاستثمارات إلى تلك المدن. ولو نظرنا إلى مشاريع وخدمات التي يقدمها القطاعان العام والخاص لوجدنا أمثلة كثيرة تبرز أنه لا يتم فعليا العمل على إشغال بعض الخدمات والاستفادة منها إلا في فترات الذروة. في الواقع أن بعض القطاعات والجهات قد لا تشعر بمسؤولية لتحقيق ذلك، خصوصا إذا كانت تركز على أداء دورها، حيث إنها فعليا تقدم الخدمات المطلوبة منها بالشكل بناءً على الدور الموكل لها؛ ولذلك لا بد أن يكون هناك تخطيط لآلية تحفز الجهات والقطاعات المختلفة للاستفادة الممكنة من كثير من التجهيزات والخدمات، ولا بد أن يلعب القطاع الخاص دورا كبيرا في هذه المسألة، خصوصا أنه سيحقق عائدا مباشرا من ذلك. والنتيجة من هذه العملية أنه ستتم استفادة المواطن والقطاعين والعام والخاص، كما أن لها آثارا إيجابية أخرى مثل تنشيط الحركة التجارية في أماكن متعددة من مدن المملكة، وإيجاد فرص عمل للشباب، وفرص استثمارية على مستوى المشاريع الصغيرة أو الشخصية للمواطنين.
إنشرها