Author

إيجابيات نفقات الحجاج على الاقتصاد السعودي

|
أرسلنا هذا التقرير من مكة المكرمة بعد أدائنا فريضة الحج ومتابعتنا عن قرب بعض إيجابيات نفقات الحجاج على الاقتصاد السعودي. فحسب إحصاءات تتمتع بالمصداقية، يعتقد بأن الحجاج صرفوا فيما بينهم نحو ثلاثة مليارات دولار خلال حج هذا العام، ما يعد رقما كبيرا في حد ذاته يتم تحقيقه في فترة قياسية. بدورها، تنقسم هذه النفقات ما بين 2.1 مليار دولار من قبل حجاج الخارج، فضلا عن 900 مليون دولار مصروفات حجاج الداخل. وربما هذا يفسر جانبا من أهمية إفساح المجال أمام ضيوف الرحمن من خارج المملكة، حيث المطلوب منهم تحمل جميع النفقات دونما نقصان. في المقابل، يتمتع حجاج الداخل بفرضية الاقتصاد في مختلف الأمور مثل استخدامهم سياراتهم الشخصية. ولا غرابة يزيد حجم نفقات حج 1431هـ بنحو 200 مليون دولار، وذلك بالنظر إلى زيادة عدد الحجاج في ظل عدم وجود تهديدات صحية. وكان موسم الحج الماضي قد عانى معضلة ما عرف بإنفلونزا الخنازير أو فيروس إتش 1 إن 1. مضاعف الدخل لكن يتحول الرقم ثلاثة مليارات دولار إلى إيرادات قدرها 9.3 مليار دولار من خلال ما يعرف بمضاعف الدخل، حيث يتحول الدولار الواحد المنفق إلى أكثر من ثلاثة دولارات في نهاية المطاف داخل الاقتصاد السعودي عبر عملية تدوير الأموال. يشكل الرقم 9.3 مليار دولار نحو 3 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي السعودي عام 2009، وهي نسبة جديرة تتحقق خلال فترة قياسية. والإشارة هنا إلى بلوغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي السعودي نحو 375 مليار دولار في عام 2009. وكان الناتج المحلي السعودي قد هبط بنسبة 22 في المائة في العام الماضي على خلفية تراجع متوسط أسعار النفط كإحدى تداعيات الأزمة المالية العالمية. وكانت أسعار النفط قد هوت من 147 دولارا للبرميل في تموز (يوليو) من عام 2008 إلى نحو 25 دولارا للبرميل مع بداية 2009؛ نتيجة أزمة الثقة التي حصلت في الاقتصاد العالمي. يلعب القطاع النفطي دورا محوريا في الاقتصاد السعودي بواسطة توفير ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة العامة. تشمل النفقات المرتبطة بالمشاعر المقدسة الإقامة والأكل وتقديم الأضاحي وشراء الهدايا والصرف على المواصلات والاتصالات وغيرها من الأمور المعيشية والرفاهية. لكن من المستحيل رصد كل مصروفات الحج بالدقة المتناهية؛ نظرا لتحاشي بعض أصحاب المتاجر في ذكر الأرقام الفعلية لغرض قطع الطريق على المنافسين المحتملين. تجربة قطار المشاعر ومن حسن حظنا حصلنا على فرصة تجربة قطار المشاعر، حيث قطعنا الطريق بين عرفات والمزدلفة في أقل من 15 دقيقة. لكن واجهتنا صعوبات أثناء عملية الوصول لنقطة دخول القطار، حيث ازدحام الحجاج عند بوابات الدخول مع موعد النفرة. لكن يتوقع القضاء على العقبات في موسم الحج المقبل بسبب عامل الخبرة. وحسب أفضل الأرقام المتوافرة، يتوقع أن تسهم إيرادات قطار المشاعر بنحو تسعة ملايين دولار في الاقتصاد السعودي في موسم الحج الحالي على فرضية استخدام 35 في المائة من الطاقة الاستيعابية للقطارات ما يعني بأن الرقم مرشح للزيادة في موسم 1432هـ. وكانت السلطات السعودية قد أرست في عام 2008 مشروع قطار المشاعر المقدسة على الشركة الصينية لإنشاء السكك الحديدة بقيمة 1.8 مليار دولار لربط الأماكن المقدسة في منى وعرفة والمزدلفة. المؤكد أنه ستتعاظم فوائد قطار المشاعر في حال إيصال الخدمة إلى منطقة المسجد الحرام. يشكل المشروع برمته ابتداء من النفقات من قبيل المشتريات المحلية والإيرادات، فضلا عن السمعة العالمية، إضافة جديدة للاقتصاد السعودي بشكل عام واقتصاد المشاعر المقدسة بشكل خاص. فرص متنوعة حقيقة القول، توفر الفعاليات المرتبطة بموسم الحج فرصا ذهبية للمؤسسات التجارية والصناعية السعودية لترويج مختلف أنواع السلع على الحجاج، الأمر الذي يعزز من قدراتها التنافسية. بل تصبح الفرصة متوافرة على طبق من ذهب للشركات السعودية لتحسين مستوى منتجاتها عبر معرفة مدى تقبل الحجاج والمعتمرين لها. يشتهر موسم الحج بالطلب، حيث من الممكن نجاح مختلف أنواع السلع المعروضة مقابل ترويج محدود أو ربما دونما حاجة إلى ترويج أصلا. كما يوفر موسم الحج فرص عمل وتعزيز الدخل لآلاف السعوديين. كما يقوم بعض أرباب المنازل في مكة المكرمة بتأجير بيوتهم لمقاولي الحج ومغادرة المدينة المقدسة أثناء الموسم. ويقوم البعض الآخر باستخدام سياراتهم الشخصية لنقل الحجاج داخل مكة المكرمة. لكن من الصعوبة بمكان معرفة القيمة الحقيقية للدخل الإضافي الذي يحصل عليه البعض في ظل غياب نظام ضرائبي متكامل. طبعا، يزيد حجم النفقات المتعلقة بتواجد الحجاج في مكة والمشاعر والمدينة المنورة، وبالتالي الفوائد الاقتصادية بعد إضافة المصروفات المتعلقة بالعمرة، التي تبلغ ذروتها في شهر رمضان المبارك، خصوصا في العشر الأواخر. باختصار، يستفيد الاقتصاد السعودي بصورة نوعية من نفقات الحجاج والمعتمرين. كما توفر المصروفات الحكومية على تطوير البنية التحتية في المشاعر المقدسة، مثل قطار المشاعر، فرصا لتعزيز الفرص التجارية للقطاع الخاص، فضلا عن النمو الاقتصادي.
إنشرها