Author

إسرائيل ستضمحل متى ما فاق العرب من سباتهم

|
أستاذ جامعي ـ السويد
كي أضع الأمور في نصابها أمام قرائي الأعزاء، أود التركيز على نقطتين مهمتين قبل الدخول في رسالة جمعتنا المباركة هذه. أولا، إننا في الغرب تحت ضغط هائل عند أي محاولة لتعرية إسرائيل ولا سيما ما اقترفته وما تقترفه من جرائم منذ نشوئها وحتى هذا اليوم. وقائمة الكتاب والأساتذة الجامعيين والصحفيين الذين تعرضوا إلى مضايقات لا بل فصل وطرد من العمل قائمة طويلة. والضغط الذي نتعرض له سببه الرئسي يكمن في حرصنا على قول الحقيقة وجرأتنا على تحليل الخطاب الغربي ولا سيما الإعلامي منه لتبيان مدى تجاوزه أبسط مبادئ الأخلاق والنزاهة والأمانة ، التي تعد من أساسيات العمل الإعلامي عند تعرضه للقضايا العربية والإسلامية، ولا سيما فلسطين. ثانيا، أود إشعار القراء الموقرين أنه ليس بودي جعل السياسة مادة هذا العمود. هذا العمود وجوده واستمراريته هما للدفاع عن العروبة والإسلام من خلال تقديم نظرة مختلفة (أقول مختلفة وليس أفضل) لما تواجهه اليوم المجتمعات العربية والإسلامية من تحديات ومخاطر. وقد أبدو قاسيا أحيانا عند تحليل الوضع الحالي ،ولا سيما الخطاب العربي والإسلامي الذي من خلاله ولغته ورموزه نقرأ الحال وما بعد الحال. قد لا يتجرأ كاتب في الغرب على القول إن خلق دولة إسرائيل كان من الأخطاء التي لن يغفرها التاريخ. هذه الدولة شكلت في المكان الخطأ والزمان الخطأ. وحتى الذين أسهموا في تكوينها قبل نحو ستين عاما أخذ بعضهم للتو التوصل إلى أن إسرائيل في المكان الخطأ والزمان الخطأ، وأن الأسباب التي في حينها دعتهم إلى تكوين دولة إسرائيل لا يمكن الأخذ بها، وإن قبلها العالم، ولا سيما العربي والإسلامي، فإن هذا القبول لن يكون إلا على مضض وضغط الزمان والمكان. إسرائيل دولة من الكارتون ـــ دولة شكلية وكيان غير قابل للاستمرار في وضعه الحالي. وأقول جازما إن جغرافية إسرائيل بوضعها الحالي إلى زوال وقد لا ننتظر حدوث ذلك أكثر من ربع قرن. ولأن إسرائيل وقادتها يدركون هذا الأمر أكثر من كاتب هذه السطور فإنهم يستخدمون تأثيرهم في أصحاب القرار ،ولا سيما في الولايات المتحدة إلى القتال والحرب من أجلهم وذلك بالتدمير والبطش بكل ما يعتقدون أنه قد يشكل خطرا على وجودهم الهزيل في المنطقة. بدأوها في العراق وأنهم على وشك تدمير وتفتيت اليمن والسودان وأعينهم منصبة الآن على تدمير لبنان ووضع مصر على بركان ومن ثم الاستفراد بسورية. ولهم خطط مستقبلية لجعل كل من يحاول تعرية كيانهم الكارتوني عبرة للزمن إن كان فردا، مثل صاحب هذا العمود، أو حزبا أو مجموعة أو دولة. هذا ليس خطابا يساري المنحى مما كنا نقرأه للأنظمة اليسارية العربية. هذا ما قاله الجنرال عاموس يادلين، رئس استخبارات إسرائيل العسكرية وهو يشيد بإنجازاته حين تسليمه مهام الجهاز إلى خلفه الجنرال أفيف كوخفي قبل نحو أسبوعين. هذه تبدو إنجازات من وجهة نظر عاموس لأنه ودولته يعيشون في خوف وهلع ليس منبعه قوة الدول العربية والإسلامية بل ضعف الحجة والسبب والقناعة والمنطق لديه. الجنرال عاموس قبل ليون برخو يعتقد أنه في المكان والزمان الخطأ. لكنه خلاف ليون برخو يفتقد البصيرة التي ستساعده إن امتلكها على التغلب على خوفه وهلعه. باستطاعة عاموس وغيره من قادة إسرائيل إصلاح خطأ الزمان والمكان ولكنهم يفتقدون الجرأة والحكمة للقيام بمبادرة كهذه. و»ياما» أضاعوا مبادرات كانت ستساعدهم على الأقل في التخفيف من معاناة الخوف. ولهذا يغض عاموس النظر عن إنجازات المقاومة في العراق وكيف أنها أهانت أكبر قوة عسكرية في العالم وجعلتها نمرا من ورق. فكيف سيكون حال إسرائيل إذا ما سنحت الظروف للعرب والمسلمين كي يقاوموا شأنهم شأن المجاهدين في العراق؟ وهذه الظروف آتية لا محالة وقد لا يستغرق قدومها ربع قرن آخر. وآمل أن يستيقظ العرب، ولا سيما كتابهم، من سباتهم العميق. لا أفهم على الإطلاق كيف ينزلق كتاب عرب كبار من الذين يعملون في الإعلام المملوك ـــ وأكثر الإعلام العربي مملوك ـــ إلى مهاجمة حماس وحملها مسؤولية معاناة غزة أو مهاجمة المقاومين؟ إن في العراق أو أفغانستان أو لبنان. هذه أقلام تحاول تبرير وجود إسرائيل في المكان والزمان الخطأ ـــ الأمر الذي فشلت إسرائيل في تمريره. وإلى اللقاء
إنشرها