Author

الغش التجاري ..أعيدوا النظر في العقوبات

|
في الجلسة الأخيرة من جلسات المنتدى العربي الثاني لحماية المستهلك من الغش التجاري والتقليد الذي اختتم أعماله يوم الثلاثاء الماضي قدم المهندس سليمان البطحي مدير عام صحة البيئة في أمانة منطقة الرياض ورقة العمل التي شاركت فيها الأمانة بعنوان ''حالات عملية وتجارب واقعية من الأسواق السعودية''، وتطرق فيها إلى قضية مهمة ونوع خطير من أنواع الغش لتعلقه بغذاء الإنسان، ألا وهو الغش في المنتجات المحلية، حيث أورد المهندس البطحي نماذج عديدة وواقعية من أساليب الغش المتعمد، منها قيام مصانع شهيرة بسحب حليب ولحوم منتهية الصلاحية وإعادة طرحها في الأسواق بتواريخ جديدة، إضافة إلى ما يمارس من غش في محال الخضار والفواكه واللحوم والمياه والعطارة، مشيرا إلى أن العقوبات لا تتوازى مع حجم هذه الجرائم. ما أشار إليه المهندس سليمان البطحي في ورقة العمل هذه والتي تستحق أن تنشر عبر وسائل الإعلام لتوعية المستهلكين بأساليب الغش التي تخفى على أغلبية الناس، يؤكد أن جميع أنواع الغش، سواء المحلي منه أو المستورد لا يمكن أن يُقضى عليه إلا بتغليظ العقوبات والتشهير، فالعقوبات المالية الحالية لن تؤثر في مصانع كبيرة، أو وكالات، أو مستوردين، أو حتى باعة، يحققون من وراء الغش مبالغ طائلة، كما أن من أهم أولويات متابعة حالات الغش والتزوير المحلي توفير الطاقات البشرية الكافية لكشف حالات الغش، وهي طاقات يجب أن يكون عددها متوافقاً مع حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، ولهذا فيمكن معالجة نقص الطاقات البشرية العاملة في مجال متابعة حالات الغش والتقليد محلياً بالمتطوعين، بحيث توكل لهم مهمة متابعة هذه الأعداد الكبيرة من المحال التجارية المنتشرة في مختلف مدن المملكة، ويكون ذلك من خلال فتح باب التطوع لمن يرغب في التعاون مع الأجهزة الرقابية في كل مدينة، فيتم تسجيل أسماء هؤلاء المتطوعين وتدريبهم، وتكون هناك غرف عمليات تتلقى اتصالات المتعاونين ومتابعة ما يضبط من حالات غش، ويمكن أن تصرف مكافآت لهؤلاء المتعاونين من الغرامات التي تفرض على من ارتكبوا جريمة الغش، وبذلك سنجد أن من يمارس الغش سيتوقع أن كل من يدخل محله رقيبٌ على بضاعته. أما الغش الخارجي، الذي تعتبر مصلحة الجمارك خط الدفاع الأول في مواجهته، فطاقات الجمارك البشرية الحالية تحتاج إلى تعزيز، فالجمارك لديها مهمة كبيرة هي الحفاظ على أمن وصحة المواطن والمقيم من خلال تتبعها من يحاولون تهريب المخدرات، أو من يحاولون إدخال المواد الغذائية والطبية والاستهلاكية المغشوشة أو المقلدة، كما أن مصلحة الجمارك بحاجة إلى الانتقال من مرحلة ترقب ما يرد إلى منافذها من مواد مغشوشة أو مقلدة، إلى مرحلة متقدمة تتمثل في فتح مكاتب لها في الدول التي ترد منها في الغالب المواد المغشوشة، أو الضارة في الصحة، وهذه الدول كثيراً ما تسعى إلى تبرئة ساحتها من مسؤولية الغش عن طريق رمي المسؤولية على المستوردين الذين يبحثون عن الأرخص على حساب الجودة، ووجود مكاتب للجمارك هناك سيسهم بشكل فعال في الحد من الغش، وكشف من يبحثون عن الأرخص، وإن كان الأسوأ لاستيراده وإغراق أسواق المملكة به.
إنشرها