Author

التعليم العام .. هل من أمل؟!

|
سبق أن كتبت عن التعليم عددا من المقالات، وسأعود مرة أخرى؛ لسبب بسيط جدّا هو أن التعليم مفتاح سحري ومحرك قوي للتقدم والتطور الذي يشهده المجتمع السعودي، إنه الأساس للتغير الاجتماعي الإيجابي السليم، وهو السبيل لبناء اقتصاد المعرفة ورفع مستوى التنافسية للاقتصاد السعودي. لا يمكن لأي دولة من الدول أو أمة من الأمم أن تتقدم وتنافس في العلم والاقتصاد، وأن تصنع لها مكانا محترما في العالم إلا بعد إصلاح التعليم ورفع جودة مخرجاته. لا ننكر أبدا الجهود العظيمة التي تُبذل، والقرارات الكريمة والمبادرات السامية، مثل مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم، ومشروعه ـــ يحفظه الله ـــ للابتعاث، وإنجازاته الملموسة في إنشاء عديد من الجامعات والكليات في أرجاء المملكة. ولكن تطوير التعليم العام يسير ببطء شديد، والجهود لرفع جودة مخرجاته محدودة وتأثيرها ضعيف، لم يلمسه الطالب أو الطالبة في صفوف الدراسة حتى الآن. والعبرة ـــ كما يُقال ـــ بالنتائج! لن أذهب بعيدا عن مدينة الرياض، ولن أتكلم عن المناطق النائية أو أتحدث نظريا، بل سأتكلم عن واقع الحال في مدرسة ثانوية في مدينة الرياض كمثال لازدحام الطلاب وتدني البيئة التعليمية. لقد حدثني أحد أولياء الأمور لطالب في الصف الأول الثانوي في ثانوية موسى بن نصير في السويدي عن ازدحام الطلاب. فهل تصدق ـــ أيها القارئ الكريم ـــ أن الصف الأول الثانوي يتكون من تسعة فصول، ويصل عدد الطلاب في كل فصل إلى 50 طالبا. كيف سيتواصل المعلم (المخلص) مع هذا العدد الهائل من الطلاب؟ وكيف ستوفر لهم المدرسة البيئة التعليمية اللائقة؟ هل نتوقع أن تكون مخرجات التعليم جيدة في هذه البيئة التعليمية؟ أم ينبغي أن تكون لدينا الشجاعة الكافية لنعلن لأولياء هؤلاء الطلاب أن التعليم الذاتي المساند (أو الموازي) من خلال الأسرة هو النهج الأنسب لمن يستطيع تدريس أبنائه ومتابعتهم تحصيلهم، وإلا فلا بد من الاستعانة بالمدرس الخصوصي لمن لا يستطيع فهم معادلات الرياضيات في مناهج المرحلة الثانوية أو لا يجد لديه الوقت الكافي. في الختام، أتساءل ويتساءل غيري من أولياء الأمور: أين ثمار تطوير التعليم الذي نسمع عنه؟ وهل من الأولى الاهتمام باقتصاد المعرفة ونسيان الوضع المتدني للبيئة التعليمية وعدم الاهتمام بالتزاحم داخل الصفوف؟ أين التوسع في إنشاء المدارس الذي نقرأ عنه في الصحف؟ وهل هناك إشكالية وعشوائية في إنشاء المدارس، حيث تنشأ مدارس كبيرة في قرى صغيرة ومدارس صغيرة في أحياء مكتظة بالسكان؟ بعبارة أخرى، هل الوزارة تعتمد في تخطيطها على دراسات علمية دقيقة لتحديد مواقع المدارس بناءً على درجة الحاجة ومقدار الطلب؟ وما مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم؟ ويبقى السؤال الأهم: متى نتوقع أن تصل نتائج وثمار التطوير وإصلاح التعليم إلى أبنائنا وبناتنا؟ هل نتوقع أن تصل إليهم خلال هذا الجيل أم الجيل القادم؟!
إنشرها