Author

علموا أولادنا اللغة العبرية!

|
نعرف جميعاً إن اللغة العبرية اليهودية تدرس في بعض مدارسنا العسكرية، وهو شيء ضروري للتعرف على الأعداء الألداء في ميادين الوغى لقول رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم: من تعلم لغة قوم أمن مكرهم، والمكر هنا له أبعاد كثيرة وبالذات بالنسبة لليهود الذين ُجبلُوا على المكر والنكوص بالعهود وخيانة الأمانة كما حدث في عهودهم مع الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ، ثم عهودهم المستمرة مع العرب في الصراع العربي ــ الإسرائيلي في العصر الحديث. ولكن سأذهب أبعد من ذلك وأطالب بتدريس اللغة اليهودية العبرية في كليات الآداب في جامعاتنا السعودية، ونحن في المملكة نتوقع أن تمتد ضغائن إسرائيل ضدنا إلى أبعد بكثير مما هي عليه الآن، ويجب أن ندرك أن المملكة الآن لها ثقل ووزن في المنطقة، ولم تعد بلداً عادياً يمكن أن تمر الأحداث من خلفها ومن أمامها دون أن تؤثر فيها وتتأثر بها، وهي لذلك مستهدفة من قبل إسرائيل وغير إسرائيل، ولذلك يجب أن يكون تحليلنا للأشياء التي تمر من حولنا على أساس أننا مستهدفين وليس على أساس أننا مقصيين. ولذلك يجب على كل إنسان سعودي أن يفهم الشخصية اليهودية ويدرسها جيداً، لأننا إذا درسنا لغة العدو سنتوغل كثيراً في جوانب حياته الثقافية والاقتصادية والسياسية، ونتعرف على كثير مما يدور في أغواره من أطماع تستهدفنا، ويجب أن نعترف بأن الذي بيننا وبين إسرائيل ليست حربا على الحدود، وإنما هي حرب على الوجود قد تقصر وتزول إسرائيل ــــــــــ إن شاء الله ـــــــــ، أو تطول وتبقى إسرائيل إلى ما شاء الله. والدافع إلى كتابة هذا المقال أن وزارة التعليم في إسرائيل أعلنت في الشهر الماضي عن قرار استراتيجي مفاجئ قررت بموجبه تدريس اللغة العربية في جميع مدارسها ابتداء من الصف الخامس الابتدائي من العام الدراسي المقبل 2010/2011، وبناء على ذلك طلبت من سوق العمل الإسرائيلية أضعافا مضاعفة من مدرسي اللغة العربية. والسؤال المهم: ما الذي يدعو المؤسسات التعليمية في إسرائيل إلى اتخاذ مثل هذا القرار الآن؟ وماذا يحمل هذا القرار من تبعات ومؤشرات؟ ولماذا يدرس أطفال إسرائيل اللغة العربية بهذه الكثافة؟ إن القرار الإسرائيلي بتعليم اللغة العربية للطفل الإسرائيلي يجب أن يلفت نظرنا جيداً، فهذه الدولة تخطط للتعليم وتربطه بالأهداف القومية العليا، ولا تنشر تعليمها كيفما اتفق، وواجبنا أن نعي وندرس كل أبعاد هذه الخطوة الرهيبة!. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإننا نستطيع القول بأن ثقافتنا العربية الإسلامية تحتاج إلى مراجعة، بل المؤسف إنه لا توجد لدينا استراتيجية للثقافة الوطنية، وما يوجد هو الأندية الأدبية الضامرة وجمعية الفنون الكسيحة، وكأن الثقافة الوطنية العظمى قد اختزلت فقط في هاتين المؤسستين المتواضعتين، أمّا الشعر الشعبي الذي يتصدر الثقافة السعودية في هذه الأيام، فإنه يغرد خارج السرب ويرفع أصواتا نشازاً تمجد القبيلة أكثر من تمجيد الوطن العظيم!. أمّا التعليم، وهو الجزء الأهم في منظومة الثقافة الوطنية، فإننا ندعي بأننا حدثناه، وفتحنا كل الأبواب أمام المدارس الأجنبية التي أخذت تنافس المدارس السعودية في عددها وعتادها، وبدل أن تستقطب الطلاب غير السعوديين، فإنها أصبحت هدفاً لكثير من الطلاب والطالبات السعوديين والسعوديات، ويجب ألا ننكر أن هذه المدارس الأجنبية بدأت تغير وجه الثقافة السعودية، بل لم يعد نادراً أن نسمع ونحن نرتاد أسواقنا بأن لغة التخاطب لم تعد العربية فحسب، بل أصبحت اللغة الإنجليزية وربما الفرنسية والألمانية، وأصبحت لافتات المحال تسمى بأسماء الفرنجة .. حتى الشباب قلعوا الثياب والغتر والشماغات وتمخطروا بلبس البنطلونات الشورت والقميص الـ "تي شيرت" وخَلّقُوا رؤوسهم بآخر الصيحات في موضات التسريحات الغربية. وحتى لا نبتعد كثيراً عن موضوع تعليم اللغة العبرية اليهودية في كلياتنا الجامعية، نعود مرة أخرى إلى القول بأننا إذا لم نفطن لخطورة المد الثقافي الإسرائيلي، انطلاقا من تعميم تدريس اللغة العربية في المجتمع الإسرائيلي، فإننا سنقع في الكثير من أفخاخه، وأهم أسلحة مواجهة المد الثقافي الإسرائيلي هو الإلمام باللغة العبرية لمعرفة أغوار وخبايا هذا الإسرائيلي وأهدافه الملتوية التي يسعى إلى نشرها في عالمنا العربي للوصول إلى البيت العربي والمدرسة العربية والنادي العربي والشارع العربي والسوق العربي. إن إسرائيل التي لم تتجاوز ستة ملايين نسمة، تخشى أن تضيع وسط 400 مليون عربي، وهي لذلك تسعى جاهدة إلى التسلل إلى هذه الملايين عبر لغتهم الأم، ثم تنفث أحقادها وتنشر الفتن بين صفوفها، وتضرب الأواصر العربية حتى تتحقق عمليات تفكيك هذه الحشود الغفيرة وضرب رقابها برقاب بعض. ولا تستطيع إسرائيل أن تتسلل إلى الحشود العربية إلاّ إذا أتقنت لغتها واستخدمت ألسنتها الفصيحة، ويجب أن ندرك أن كثيراً من انتصارات إسرائيل على المقاومة الفلسطينية تحققت عن طريق جنود إسرائيليين (مستعربين) أتقنوا اللغة العربية بفصاحة ولبسوا البزة العربية. وإذا تصفحنا أسباب الانتصارات في الحروب الثقيلة.. نجد أن بريطانيا كانت ُتسلّل قوافل من الضالعين في اللغة التركية إلى الديار التركية وإلى البراري التي كانت تقع تحت الحكم التركي، وكانت تركيا في المقابل تهمل تماماً إرسال الأتراك المتقنين للغة الإنجليزية إلى المدن البريطانية وإلى الضواحي التي كانت تتبع التاج البريطاني، كانت بريطانيا في حربها مع تركيا ُتعَوّل على اللغة التركية، بينما كانت تركيا في حربها مع بريطانيا لا ُتعَوّل البتة على اللغة الإنجليزية، ولذلك كسبت بريطانيا كل حروبها مع الإمبراطورية العثمانية، حتى ألغتها من الوجود تماماً مع نهاية الحرب العالمية الأولى 1918. ويتضح مما سبق أن اللغة أصبحت وسيلة من وسائل الأسلحة الفتاكة القادرة على تحقيق النصر، ونحن في مقابل اهتمام إسرائيل بتعليم أولادها اللغة العربية يجب أن نهتم بتعليم أولادنا اللغة العبرية.
إنشرها