Author

شيء للوطن والمواطن يا هيئة الاستثمار

|
أحد عمال الصيانة في الجامعة قابلته وهو حزين وغاضب، حيث أنهي عقده وتم الاستغناء عن خدماته لعدم صلاحيته وجديته. بعد أشهر قليلة وجدته في محل لبيع مواد البناء وهو مدير له! قلت له أنت في وضع أفضل، وسألته من كفيلك؟ قال: أنا لا أحتاج إلى كفيل، أنا (مستثمر أجنبي). تعجبت واستغربت، كيف يتحول عامل معدم إلى مستثمر؟ قلت له كيف حصل ذلك ومن الممول؟ قال: أنا جمعت من عدد من أصدقائي مبلغا من المال وأرسلته إلى بلدي، ثم قدمت على هيئة الاستثمار، وعدت بالمبلغ نفسه الذي حولته، وحصلت على تصريح مستثمر خارجي، دون أن اضطر إلى الدخول في تعقيدات البلدية ومشكلاتها. استقدمت كذلك عمالا من جماعتي وعندي الآن أيضا محل آخر، وكذلك محل تصوير مستندات. (هل القصة مضحكة؟ هذا والله هو المضحك المبكي!). هذه القصة ومئات مثلها .. تختلط فيها السباكة مع الحدادة مع الرز والمثلوثة، بنصف مليون مواطن عاطل، نصفهم من الجامعيين، تثير عددا من التساؤلات حول حقيقة الاستثمار في هيئة الاستثمار الخارجي .. ومنها: 1) لقد ذكرت الهيئة في أحد تقاريرها، وتناولت ذلك الخبر الصحف الرسمية، أنها نجحت في جلب 500 مليار ريال سعودي! ليس المقام هنا التشكيك في صحة وحقيقة ذلك الرقم الخيالي، بل نطالب الهيئة بأن تقوم بنشر أسماء المستثمرين، وأين كانوا قبل بداية تلك (المشاريع) المزعومة، وحجم الأموال التي جلبوها وأعادوا ضخها في السوق السعودية، ونوعية الأنشطة التي يمارسونها. 2) عانى الاقتصاد السعودي ظاهرة التستر، التي من خلالها استحوذ الوافدون على جميع مفاصل الكسب المادي لأبناء هذا البلد من تجارية وصناعية وزراعية، حتى أصبح المواطن مستهلكا فقط في بلده، وقدمت جهات حكومية مقترحات إيجابية عدة لوأد هذه الظاهرة السلبية، لكن الهيئة قامت بإجهاض كل الخطوات الوطنية، وذلك بإيجاد مخرج قانوني لعمل الوافدين .. غير النظامي. سياسة الهيئة فيما يسمى الاستثمار الخارجي، ضيقت على المواطن، ومنحت الأجنبي كثيرا من المزايا فوق ما كان يحلم به: من إعفائهم من كثير الشروط، وجلب أقاربهم للعمل، عبر تأشيرات عمل وتسهيلات لا يحصل عليها حتى المواطن السعودي المتنفذ. وهنا أقول حبذا لو يتم حصر أعداد العمالة التي أغرقت البلد وخلقت بطالة مخيفة، تحت مظلة (المستثمر الأجنبي)، ومراجعة الرخص والامتيازات التي أصدرتها الهيئة، وجدواها للاقتصاد السعودي. 3) التساؤل المهم جداً هو: ما الهدف الرئيس من الاستثمار الأجنبي؟ كل الدول تسعى إلى جلب الأموال من الخارج من أجل خلق فرص وظيفية لأبناء البلد، والقضاء على البطالة, فهل هذا الوضع ينطبق على هيئة الاستثمار الخارجي السعودي؟ مع الأسف .. لقد تحولت هيئة الاستثمار لدينا إلى واحد من معاول محاربة السعودة ونشر البطالة. 4) الذي يثير العجب أن وزارة العمل التي ضيقت على السعوديين في مجال تأشيرات العمل بذريعة مكافحة البطالة، لم تشمل بسياساتها تلك، ما سمي (المستثمر الخارجي) يحصل على رخص استقدام عمالة تصل أحيانا إلى 50 عاملا وأكثر، علماً بأنه لا يحتاج (مشروعه!) إلى أكثر من عشرة عمال. لذا فالبقية يعمل وبكل حرية خارج النطاق المرخص به، وفي أي منطقة من المملكة .. فمن المسؤول عن ذلك التسيب وما يتسبب فيه من آثار سلبية في المستويين الاقتصادي والأمني للبلد؟
إنشرها