Author

عند الاعتماد يكرم المستشفى أو يعاد

|
من يوم ما انفتح صنبور النفط والفلوس تنكب على هذا البلد مما جعل هناك طفرة تنموية في مدة قصيرة، وأصبح أمام رجال البلد إدارة هذه المسؤولية التنموية بالمجهودات الذاتية والخبرات الوافدة، إلا أن النمو المادي كان أسرع من النمو المعرفي ومن ثم السلوكي. وعندما قررت الدولة سعودة المناصب الإدارية كان التطبيق يتجه نحو ملء الفراغات في هذه الشواغر، ولم يتم التركيز على التأهيل والخبرة والمعرفة والتخصيص، وهذا ما أدى إلى خلل في الاستغلال الأمثل لتلك الموارد وظهور ما يسمى بالفساد الإداري وتدني مستوى الخدمات والجودة التي نشهدها الآن. القطاع الصحي كان أول المتضررين فبمجرد فتح مستشفى أو مستوصف يرشح لإدارته من يزكى شخصيا من الأطباء والإخصائيين والفنيين ويترك لضميره ومحاولاته التي تصيب وتخطئ ويصارع المرضى والعاملين ويصارعونه، المهم ألا يسبب المشكلات ولا يجيب وجع الرأس للمسؤولين الكبار، وفجأة يجد المدير نفسه موظف علاقات جمهور ومراسم وتصبح المنشأة الصحية على كف عفريت. اليوم بعد تطبيق معايير اعتماد المنشآت الصحية على المستشفيات ثم مراكز الرعاية الصحية الأولية سنجد مسؤولي تلك المنشآت قلقين كالطلاب أثناء الامتحانات على أدائهم، وهذه ظاهرة صحية بعد سنوات من الإدارة بالمحاولة والخطأ والإدارة (بطقها وألحقها). ثورة الاعتماد على المعايير المقننة والمدروسة والشاملة والكاملة هي خريطة الطريق إلى صحة متميزة وعالمية وبعيدة عن الاجتهادات والمعتقدات الإدارية الشخصية في الوقت نفسه إصلاح لما أهدر من سنوات في مجال الإدارة الصحية، وتصويب مفهوم السعودة الكفؤة، وتصحيح لمفهوم الإدارة الصحية القائمة على التخصص والخبرات والتأهيل المناسب. إن تطبيق المعايير الشاملة والنوعية على أي مؤسسة صحية أو غيرها ستخلق نوعا من التنافس على المستوى الداخلي والخارجي لكل مؤسسة وسترشد وتعلم وتدّرب جميع منسوبيها من الصغير إلى الكبير على الإجراءات والمتطلبات والبروتوكولات وطريقة التقييم والتقويم لجميع الأعمال، وتتيح فرصة كبيرة من قبل مؤسسات الدولة الإشرافية والرقابية تحديد المشكلة وتشخيصها ثم علاجها، كما أنها ستساعد المخططين على رسم سياسة تخطيطية واضحة قابلة للتنفيذ والتقييم.
إنشرها