Author

مشروع تصنيف المقاولين والمكاتب الهندسية .. منعطف تاريخي

|
يمثل قرار مجلس الوزراء الأسبوع الماضي الخاص بتصنيف الشركات والمكاتب الهندسية, منعطفا تاريخيا ووطنيا، وخطوة أولى في سبيل تنظيم وتطوير الأعمال الإنشائية والصيانة والتشغيل في المملكة، خطوة جاءت في توقيت مهم وحيوي، وينبغي استثمار هذا التوجه والقرار المؤثر بأكبر قدر ممكن, والتعاون والتكامل بين الجهات ذات العلاقة لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن. ويمكن أن تلعب وزارة الشؤون البلدية والقروية مع الهيئة السعودية للمهندسين، دوراً كبيراً ومحورياً في تنظيم قطاع المقاولات والاستشارات الهندسية وإدارة المشاريع بأنواعها. ونظراً لقصر المدة المحددة لتطوير آلية التصنيف، ينبغي العمل بشكل فوري ومدروس وبمشاركة جميع الجهات المعنية, لتطوير نظام تصنيف عملي يقضي على عيوب التصنيف الحالي ويحقق الأهداف الوطنية المطلوبة. وكمنطلق وأساس لعمل اللجنة التي سيتم تكوينها من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية والهيئة السعودية للمهندسين ووزارة التجارة والصناعة وبإشراف مباشر من الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز آل سعود ــ حفظه الله ــ فإنه يجب توثيق وتقييم الوضع الراهن في قطاع الإنشاءات والمقاولات والصيانة والتشغيل، ويمكن على سبيل المثال الاطلاع على مقالاتنا وآخرها بتاريخ 19/7/2010 في ''الاقتصادية''، التي أشرنا فيها إلى وجود خلل وضعف كبيرين في مستوى مشاريع البنية التحتية وجودتها، التي تكلف المال العام مئات المليارات سنوياً، ويمكن من خلال بعض التحسينات والتطويرات, ليس فقط رفع أداء ومستوى المشاريع وجودتها، لكن أيضاً توفير أكثر من 100 مليار ريال سنوياً. وقد يكون من المناسب والأفضل أن تعمل اللجنة أولاً على إعداد خطة استراتيجية ـــ على مستوى عال ـــ لما ينبغي تحقيقه من نظام تصنيف المقاولين والمكاتب الهندسية، ويمكن الاعتماد في ذلك على ما تملكه الهيئة السعودية للمهندسين من بيانات ودراسات. وينبغي لنا هنا أيضاً أن نتفق أولاً على أن الهدف الرئيس من التصنيف هو توفير مرجعية أولية عن مستوى الشركات وكفاءتها في تنفيذ مشروع معين، كأن يتم تصنيف شركة ما على أنها ''درجة أولى''، ما يعني أن لديها القدرة على تنفيذ مشاريع تزيد قيمتها على مبلغ معين, أو تتطلب قدرات فنية معينة، وهذا يعني أيضاً اعتماد الجهات الحكومية كلها على هذا التصنيف كتقييم أولي للشركات عند طرح المشاريع وترسيتها. وإذا كنا سنتعامل ـــ وهذا هو المتوقع ـــ مع نظام التصنيف الجديد كمشروع، فإنه يلزم اتباع مراحل ومتطلبات تخطيط وتنفيذ المشاريع بطريقة صحيحة ووقتية لضمان نجاح المشروع، التي يمكن تلخيصها فيما يلي: 1 ــ التأكيد على وجود راع للمشروع كعامل أساسي لنجاح أي مشروع، وهو في هذه الحالة مجلس الوزراء ويمثله الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز آل سعود ـــ حفظه الله ـــ وهذا ما نص عليه القرار. 2 ــ تكوين فريق عمل لإدارة المشروع ـــ إلى جانب اللجنة ـــ وبمشاركة أطراف المشروع الرئيسة المحددة في القرار، مع تحديد الشركاء الاستراتيجيين من القطاعين العام والخاص، وهم: وزارة المالية، ديوان المراقبة العامة، وزارة العمل، والغرف التجارية والقطاع الإعلامي. 3 ــ تحديد الأهداف الاستراتيجية لمشروع التصنيف مع التركيز على الأولويات، على أن يكون منها توثيق الوضع الحالي لقطاع المقاولات والأعمال الهندسية الاستشارية، وتقييم نظام التصنيف الحالي، ووضع معايير فنية قابلة للتطبيق والمتابعة، مع التقييم الدوري (سنوياً) من خلال فحص وزيارات ميدانية، وعدم الاعتماد على التوثيق الورقي فقط, (وهو الأسهل). 4 ــ إخضاع جميع منسوبي الشركات والمكاتب الهندسية لاختبارات مهنية تحددها الهيئة السعودية للمهندسين قبل اعتماد قبولهم للعمل في مشاريع أو مكاتب أو مؤسسات مقاولات. 5 ــ إخضاع المكاتب الهندسية ومؤسسات وشركات المقاولات لمراجعة وتقييم فني لقدراتها وطريقة عملها وكفاءة منسوبيها. 6 ــ تحديد حد أدنى للسعودة (25 في المائة) في جميع المكاتب والشركات الهندسية، على أن تزيد النسبة بشكل سنوي بمعدل (عشر نقاط)، وعلى أن تكون السعودة نوعية وفنية, وليست شكلية أو إدارية بحتة، أي التركيز على سعودة مهندسي المشاريع بتخصصاتهم المختلفة. 7 ــ تحديد حد أدنى للملكية الوطنية لأي شركة مقاولات، وكحد أدنى يمكن أن يكون (51 في المائة)، مع ضرورة النظر في شكل ونوع الشركات المناسبة للعمل قي قطاع المقاولات. 8 ــ ضرورة الفصل في التصنيف بين المشاريع التي تنفذها الشركات مباشرة أو من خلال العقود من الباطن، فليس من المعقول حصول أي شركة على ميزة إضافية في التصنيف بينما مشاريعها تنفذ من خلال عقود من الباطن. 9 ــ التركيز على وجود خطط تدريب وتطوير لمنسوبي القطاع وتنفيذها، كأحد عوامل التصنيف. 10 ــ التركيز على وجود نظام متطور لتخطيط المشاريع وإدارتها بشكل احترافي، مع استخدام أنظمة تقنية متقدمة في هذه المجال. 11 ــ إلزام جميع المكاتب والشركات الهندسية باستخدام أنظمة المعلومات الجغرافية GIS في جميع المشاريع التي يعملون فيها، مع ربط هذه البيانات بجهة مركزية لربط البيانات الجغرافية تحددها اللجنة. 12 ــ التأكيد على عدم وجود ازدواجية في منح تصاريح العمل والسجل التجاري بين وزارة التجارة والصناعة وأي جهات أخرى مثل الهيئة العامة للاستثمار، وقد يكون من الأجدى والأمثل للوطن حصر خدمة منح تصاريح العمل في قطاع المقاولات والاستشارات على وزارة التجارة والصناعة فقط. 13 ــ تحقيق أكبر قدر من الشفافية والوضوح في المشروع، ويمكن تحقيق ذلك من خلال عقد لقاء مفتوح بين أعضاء اللجنة والإعلام. وكلنا أمل وانتظار أن يتم تطوير نظام تصنيف يخدم قطاع المقاولات في المملكة، بحيث يتم رفع مستوى العائد من الحجم الكبير من الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية، وتحقيق أكبر قدر ممكن من نقل التقنية وتوطينها، وتطوير مستوى الموارد البشرية الوطنية المتخصصة وتحسينها. وللحديث بقية...
إنشرها