Author

نتائج التعداد ليست صحيحة

|
أعلنت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات الأسبوع الماضي النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن لعام 2010، حيث بلغ عدد سكان المملكة 27.136.977، من بينهم 18.707.576 من المواطنين، فيما بلغ عدد المقيمين 8.429.401 فرد، إلا أن من غير الممكن أن تكون تقديرات المصلحة لعدد المقيمين صحيحة، ولا بد أن هناك خللا واضحا في هذا التعداد ونتائجه، الذي نستطيع تأكيده من خلال القرائن التالية: 1 ـــ إن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات قدرت في هذا التعداد المقيمين الأجانب بـ 8.429.401 فرد من بينهم 5.932.974 من الذكور و2.496.427 من الإناث، في حين أن بيانات وزارة العمل، وهي بالمناسبة بيانات منشورة ومتاحة على موقع وزارة العمل على الإنترنت لمن يرغب في الاطلاع عليها، تُقدر عدد العاملين الأجانب في منشآت القطاع الخاص من الذكور في عام 2009 بـ 6.125.028 فردا، وتقديرات وزارة العمل هذه بالطبع لا تشمل العاملين الذكور في القطاع الحكومي والعاملين الذكور لدى القطاع العائلي كالسائقين, كما لا تشمل الذكور من أفراد عائلات العاملين الأجانب، ومع ذلك نجد أن تقديرات وزارة العمل للعاملين الذكور من الأجانب في منشآت القطاع الخاص في عام 2009 تزيد على تقديرات مصلحة الإحصاءات لكامل عدد المقيمين الذكور في المملكة في عام 2010، وهو أمر غير ممكن ولا يمكن قبوله, ويظهر بما لا يدع أي مجال للشك, أن تقديرات المصلحة بعيدة كل البعد عن الواقع ويعتريها خلل واضح. 2 ـــ إن مصلحة الإحصاءات العامة قدرت عدد المقيمين بنهاية عام 2006 بـ 6.408.668 شخصا، وبيانات وزارة العمل تظهر أن إجمالي تأشيرات العمل التي صدرت لقطاع الأعمال وللقطاع العائلي والقطاع الحكومي خلال الفترة من عام 2007 حتى نهاية عام 2009، أي خلال ثلاث سنوات فقط، بلغ عددها 5.056.677 تأشيرة عمل، ومع ذلك نجد أن تقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات لعدد المقيمين لم تزد منذ نهاية عام 2006 حتى الآن إلا بمقدار 2.020.733 فردا، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى وجود خلل واضح في تقديرات المصلحة لعدد المقيمين، وإلا كيف يمكن أن يكون هناك مثل هذا التدفق الكبير للمقيمين, كما يظهر جلياً من عدد التأشيرات الصادرة خلال هذه الفترة, ومع ذلك لا ينمو عدد المقيمين إلا بأقل من نصف هذا العدد؟! 3 ـــ إن هذا الخلل في تقديرات المصلحة السكانية ليس بجديد، فتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة فيما يتعلق بعدد العمالة الأجنبية عادة ما تكون بعيدة عن الواقع في التقارير الصادرة عن المصلحة، حيث إنها تقدر هذا العدد برقم يقل عن نصف عددهم الفعلي على أقل تقدير. على سبيل المثال، بحث القوى العاملة لعام 2009 الصادر عن مصلحة الإحصاءات يقدر قوة العمل من غير السعوديين بـ 4.324.487 فردا، بينما نجد أن بيانات وزارة العمل تقدر عدد العاملين الأجانب من الجنسين في منشآت القطاع الخاص بـ 6.214.067 فردا، أي أن بيانات وزارة العمل تشير إلى أن العاملين في القطاع الخاص من الأجانب يزيد بنحو مليوني شخص على تقديرات مصلحة الإحصاءات العامة لإجمالي قوة العمل من غير السعوديين، رغم أن قوة العمل من غير السعوديين، تشمل، إضافية إلى العاملين في منشآت القطاع الخاص، العمالة المنزلية، والعاملين الأجانب في القطاع الحكومي، ما يعني أن قوة العمل من العمالة الأجنبية لا يمكن أن تقل بأي حال عن ثمانية ملايين عامل بل حتى قد تزيد كثيرا على ذلك، ومع ذلك تقدرها مصلحة الإحصاءات العامة بنحو 4.3 مليون فرد فقط. وحيث لا تخفى الأهمية القصوى لأن تتصف الإحصاءات السكانية والاقتصادية والاجتماعية بالدقة الشديدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بوضع الخطط والاستراتيجيات التنموية أو استخدامها في البحث العلمي والدراسات، كون نتائجها ستكون مختلة بقدر الخلل الذي يعتري البيانات التي تعتمد عليها. كما أنه من غير المقبول أن تكون الإحصاءات في المملكة, ومع ما كل ما نملكه من إمكانات مالية وفنية وبشرية, ليست فقط غير دقيقة, إنما بعيدة عن الواقع تماما وتتعارض بشكل واضح مع بيانات رسمية منشورة من أجهزة حكومية أخرى بياناتها أقرب إلى الواقع من بيانات الجهاز الحكومي المتخصص في الإحصاءات العامة. أيضاً فإن حدوث مثل هذه الأخطاء في تقديرات المصلحة ليس مبررا في ظل إمكانية مقارنة تقديراتها بالبيانات الدقيقة جدا لأعداد المقيمين بصورة نظامية التي يمتلكها مركز المعلومات الوطني، فإجمالي عدد المقيمين الأجانب يتمثل في عدد المقيمين بصورة نظامية وفق بيانات مركز المعلومات الوطني، مضافة إليه تقديرات المصلحة لعدد المقيمين غير النظاميين، الذي سيُظهر للمصلحة حجم الفجوة بين تقديراتها والعدد الفعلي للمقيمين الأجانب في المملكة.
إنشرها