Author

المخدرات بين العرض والطلب

|
المخدرات تعتبر اليوم العدو الأول لجميع مجتمعات الأرض؛ لأنها السبب الأول لكل المشكلات الاجتماعية والأسرية والأمنية في الدول المتقدمة والمتخلفة، وأثرها السلبي أكثر تدميرا في المجتمعات النامية التي تسعى إلى التطور والارتقاء، مثل المجتمع السعودي اليوم. الدراسات والأبحاث العالمية تركز على كيفية القضاء عليها وآثارها السلبية الموحدة للفرد والمجتمع، وتمت مناقشة عديد من الأفكار والمقترحات التي تساعد على الحد من انتشارها، خصوصا بين طلاب المدارس والجامعات؛ لأنه كان يعتقد في السابق أن المخدرات تنتشر داخل المجتمعات الفقيرة أو الأسر ذات المشكلات الاجتماعية، لكنها ــ مع الأسف ــ اليوم بين الأغنياء والفقراء، الأسر المتحضرة والمتخلفة، وفي المدن والقرى، والأخطر انتشارها المرعب والمخيف بين طلاب المدارس وفي الأعمار الصغيرة أيضا؛ ما يعني أن هناك خططا واستراتيجيات ينتهجها مروجو المخدرات للوصول إلى كل فئات المجتمع. المخدرات اليوم تدار من خلال عصابات منظمة ومترابطة بين مختلف قارات الأرض، تعمل من أجل نشر المخدرات لأسباب عدة، منها الديني والسياسي والاقتصادي، كما أنها تستخدم كل الوسائل لتحقيق الانتشار والوصول إلى كل منزل في مختلف المدن والقرى، بحيث تصبح السلعة رقم واحد في الطلب على مستوى العالم، وفي هذا السياق حقق المخططون الاستراتيجيون لنشر المخدرات بعضا من تلك الأهداف من حيث نشرها وجعلها في متناول الجميع. اليوم، وفي أغلبية بلدان العالم لا تخلو أسرة من شرورها، بحيث أصبح عديد من الأسر تشتكي غزو المخدرات أبناءها من الجنسين، وكيف أن وصولها إلى أيدي الأبناء والبنات أصبح أمرا يسيرا، وأن الطلب في ازدياد؛ ما جعل العرض أيضا أيسر لوجود الطلب. العرض والطلب هما المحركان الأساسيان لأي سلعة، فكلما زاد الطلب زاد العرض، وكلما قل الطلب قل العرض، وحيث يسعى مروجو المخدرات إلى جعلها سلعة متوافرة في كل زاوية، فإن محاربتها يجب أن تنطلق من الروح والطريقة نفسيهما، بحيث نعمل على تقليل الطلب؛ ما سيقلل العرض، وهذا الأمر يتطلب وضع استراتيجية اقتصادية، كما نعمل مع بعض السلع عندما نريد مقاطعتها أو محاربتها من خلال العمل الجماعي المنظم والمخطط له، بحيث نعمل على شحذ الهمم لجميع أفراد المجتمع مواطنين ومقيمين، صغارا وكبارا، رجالا ونساء، ونحدد لنا هدفا هو العمل على تقليل الطلب حتى يتوقف نهائيا من خلال برنامج اقتصادي اجتماعي يقوم به جميع أفراد المجتمع، ومن هنا فإن وضع حملة تحت عنوان ''خلها في نحورهم''، بمعنى أن نجعل المخدرات في نحور مهربيها ومروجيها لا تجد من يطلبها فيبتلون بها، ثم لا يجدون أفضل من إعادة تصديرها أو رميها في قنوات المجاري. حملة ''خلها في نحورهم'' يجب أن نعمل جميعا على تحقيقها من خلال منظومة توعوية إعلامية يشارك فيها الصغار قبل الكبار، من خلال مختلف مؤسسات الدول الممثلة في القطاع الحكومي والخاص والأكاديمي والإعلامي والرياضي ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها من القطاعات، بحيث تكون رسالة مؤسسات الدولة وليس الإدارة العامة للمخدرات أو وزارة الداخلية فقط، نقول من خلالها للمخدرات ومروجيها ومهربيها، إن المملكة مغلقة في وجه بضاعتهم ولا مكان لهم بيننا، ونجعل من الشباب من الجنسين المحرك الأساس لهذه المقاطعة، ونعطيهم فرصة قيادتها، ونؤكد عليهم أنهم هم المستهدفون، وبناءً على ذلك هم من يجب عليهم الوقوف في وجهها ومحاربتها ومحاربة مروجيها. وللحديث بقية ــ إن شاء الله. وقفة تأمل: ''أسأل الله لنا جميعا أن يبلغنا رمضان وأن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يتقبل ذلك خالصا لوجهه الكريم .. وكل عام وأنتم بخير''.
إنشرها