Author

تجربتي مع سائق تكسي سعودي!!

|
من أجل اختيار بلد لأقضي فيه إجازة قصيرة، بدأت بتقصي الأخبار الاقتصادية والسياسية والبيئية لجميع الدول المحيطة، فوجدت أن بلد أسطول الحرية (تركيا) هو الاختيار الأنسب، حيث يتصف بالجو المعتدل والأكل الطازج وعدم وجود المنغصات على الحدود أو داخل البلد. بالطبع لا أحب أن أسافر إلا على الخطوط السعودية، حاولت أن أحصل على حجز لرحلة دون توقف من الرياض إلى إسطنبول فلم أجد، لأنها لا تبدأ إلا في 1 تموز!! ولا يوجد فيها أي مجال، مع العلم أن الخطوط التركية لديها رحلة يومية مباشرة طوال السنة، لذا فقد كنت في الخيار للذهاب عن طريق الرياض - جدة - إسطنبول، ولكن عندما تذكرت مطار جدة!! أصابني شيء من الاكتئاب، فهو لا يزال على الرغم من سخاء الدولة في تحسينه، واجهة غير مرضية لهذا البلد. والحمد لله كان البديل عن طريق المدينة المنورة، أقلعت الرحلة من الرياض الساعة الخامسة والنصف ووصلت قبل السابعة صباحاً إلى مطار الأمير محمد بن عبد العزيز، وسبحان الله، هذه المدينة كل شيء فيها مبارك حتى المطار ترى فيه الهدوء وحسن استقبال المسئول والمواطن العادي، كان وقت الانتظار ثلاث ساعات، فقررنا أن نستغل الوقت ونذهب إلى زيارة المسجد النبوي الشريف والسلام على المصطفى المختار محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى صاحبيه الأخيار: أبي بكر الصديق وعمر الفاروق. خرجت من المطار ووجدت تكسيا سعوديا ولم أجد سيطرة الوافدين على تلك المهنة، طلبت منه أن يأخذنا خلال ساعتين من المطار إلى الحرم، فاقترح سعراً ولكن حبي للمماكسة جعله (وبرحابة صدر) يخفض السعر، وللمعلومية وجدت أن التنقل من المطارات السعودية إلى مراكز المدن من أرخص الأسعار مقارنة بغالبية دول العالم!! فكان صاحب التكسي من المدخنين ولكن ما إن ركبنا أقلع عن التدخين، وشَغل المكيف، بل وعرفنا بنفسه، حيث جاء من بادية نجد ليعمل في المدينة منذ نعومة أظفاره، وقد استملك بيتاً خاصاً، وطلبت منه تعريفنا بمعالم المدينة، وبالفعل قام بالمرور على شارع سيد الشهداء وعم الرسول: الأسد المغوار حمزة بن عبد المطلب، وكذلك شرح لنا موقع الرماة ومكان مقبرة شهداء أحد. بعدها أخذنا إلى المسجد الحرام وشرح لنا التغييرات والإنجازات ومكان الفنادق القديمة واتجاهات الطرق وأسماءها، وبعد أن صلينا وسلمنا على الرسول وصاحبيه، أخذنا بسيارته ومر بنا على مقبرة البقيع وشرح لنا تاريخها ومن دُفن فيها من الصحابة، بعدها رجع بنا إلى المطار عن طريق آخر، حيث فرجنا على بعض القصور الحكومية القديمة وبعض المعالم الأثرية المهمة. وطلب منا وبإلحاح أن نذهب إلى بيته لأنه أخبر زوجته بتحضير الفطور، ونظراً لقصر الوقت شكرنا له تلك الدعوة وكذلك تلك الخدمة الطيبة، وأخذنا منه رقم جواله، لأنه لم يكن سائق تكسي فحسب بل كان مرشداً سياحياً. فهذه القصة تثبت أن في أبناء هذا البلد الخير الكثير إذا أعطيت لهم الفرصة والدعم وحسن التوجيه، لذلك من التوصيات للاستفادة من تلك الطاقات وتوطين الخدمات ما يلي: 1) إن الكثير من الشباب حتى من خريجي الجامعة لم يجد أمامه أي فرصة عمل، فكم كان ولا يزال الكثير من طلاب الدراسات العليا في أمريكا ممن أكمل الدراسة وهو يمتهن سيارة التكسي في أوقات فراغه، فقد آن الأوان لتنفيذ قرار سعودة سيارات الأجرة بموجب قرار صارم وعدم الخضوع لضغوط أصحاب المصالح الخاصة، وأتمنى ألا نشاهد تلك اللقطات المحزنة في بوابات الاستقبال في مطاراتنا المتمثلة بشباب سعودي بمسابحهم، من يعرض لك خدمة التوصيل!!. أما بخصوص السلبيات فيمكن بترها بوضع تعريفة خاصة وكذلك استخدام العدادات ووضع اسم السائق وصورته في المقعد الخلفي. وإني متأكد جداً أن أبناء البلد أحرص من الوافدين في جميع الجوانب التي يخشى تجاوزها. 2) يمكن أن يكون لهيئة السياحة دور مهم في تفعيل دور الشباب في الإرشاد السياحي، فقصة صاحب التكسي يمكن الاستفادة منها في توجيه كثير من المواطنين للحصول على كسب الحلال، فهو يقدر أن يرشد المسافر إلى الأماكن التي يمكن زيارتها وكذلك في ترتيب حجز الشقق والفنادق، وقد يكون منهم المتجاوز وغير المبالي، ولكن السمعة الطيبة تنتشر ويحرص الناس على صاحبها، فتجربتي مع صاحب تكسي سعودي تجعلني لن أكلم إلا هو وكذلك أوصي به للأقرباء والمعارف.
إنشرها