Author

بلازا..!

|
في عواصم العالم المتقدم، وكم أمقت هذه العبارة لكني مضطر لاستخدامها، كما في عواصم الدول التي تفاخر باهتمامها بالثقافة وصنّاعها، هناك ساحة رئيسة في كل مدينة تسمى بلازا Plaza. والبلازا هذه لا تعدو كونها مساحة حرة يشتغل فيها الفنانون من تشكيليين وغيرهم بممارسة طقوسهم الثقافية أمام الناس وعلى عينك يا حاضر! ومن غير المستبعد أن تجد في المدينة الواحدة أكثر من بلازا، ولن تخلو أي بلازا من وجود تجمعات ثقافية لشعراء وأدباء ومفكرين مجتمعين على طاولة صغيرة ممتلئة بفناجين القهوة والكثير من الماء. المهم أن المشهد اليومي ينبئ عن حراك ثقافي لا يموت، فالتشكيلي يحاور الكاتب والشاعر يريح بصره من قراءة النصوص عند رسام بورتريهات الكاريكاتير ليبتسم في هيبة... وتخيلوا ما شئتم! الملاحظ أن مدن المملكة تعاني فقراً مزمناً في "بلازاتها"، وأن ما كان مخصصاً لتجسيد دور الساحة الثقافية تحول بقدرة قادر إلى سوق شعبية أو موقع لتزحلق الصغار بالطريقة "الدرابزينية" أو الحداثية بـ "الرول سكيت"! المهم أن المظهر الثقافي تم طمسه أو مسحة بمسّاحة من النوع الأصلي الألماني الصنع. وفي حديث مع تشكيلي "مزمن"، طال بنا النقاش إلى أن وصلنا إلى نقطة التقاء بعد استبعاد إمكانية استئجار مرسم أو استوديو بسبب الوضع المالي النكد لأغلب المثقفين، ووصلنا إلى أن معضلة الفنان والمثقف في مدننا تكمن في أنه لا يجد ساحة يمارس فيها فنه أو يستلهم منها إبداعه. وأرجو ممن شاهد تشكيلياً يرسم في أي ساحة في المملكة أن يصحح لنا معلوماتنا، كما آمل ممن لمح تجمعاً لشعراء أو أدباء في الهواء الطلق أن يثبت ما يدعيه بإحضار صورة فوتوغرافية ملتقطة بكاميرا رقمية عالية الوضوح! صاحبكم، ومعه نفر من سكان الحي، يطالبون بشكل جدي، بدون "تمهتر" يعني، أن يتم إنشاء أو إحياء الساحات الثقافية في مدننا، فمن غير المعقول ألا يجد الهواة من الفنانين مكاناً يمارسون فيه هوايتهم خصوصاً وأن السواد الأعظم من الشعب السعودي الآن هم من سكان الأدوار والشقق! فما هو مصير موهبة "محشورة" في شقة يسكنها 12 نسمة مثلاً؟! هذا كبداية، وقبل أن نخوض في البعد الاجتماعي للساحات وكيف أن الـ "بلازا" مكان لتحديد الهوية الثقافية لأي مدينة في العالم. بعبارة أكثر وضوحاً، من حق الكبار والشباب من محترفين وهواة أن يجدوا لهم مكاناً يتحاورون فيه ويتحررون فيه من عبء الهاجس الثقافي في مساحة من الممكن. والمسألة لا تتطلب أكثر من تبليط جزء من حديقة، بالإضافة لغرس 3 نخلات، وسنكون من الشاكرين لو تفضلتم ووضعتم كراسي خرسانية أو خشبية.. حتى لا يقال إننا من "المتشرطنين"! الأخ الجالس في آخر الصف هناك... "إشششش... هدوء لو سمحت!"
إنشرها