Author

العمالة والهدر الاقتصادي .. أين الحل؟

|
لا أظن أحداً يخلو من قصة مماثلة لما يحصل للجميع حين نستأجر عاملاً لصيانة مكيف أو إصلاح سباكة أو غيرهما مما يلزم من صيانة معتادة للمنازل وغيرها حتى من احتياجات الإنسان كالسيارة وما إلى ذلك لينتهي الأمر بخراب أكثر من إصلاح أو المبالغة في عملية الإصلاح كتغيير قطعة الغيار تماما. ومع تطور مستوى المعيشة والنمو الاقتصادي منذ الثمانينيات الميلادية وتزايد أفواج العمالة على اختلاف ما يدعون من تخصصات ومهن ليصل الرقم إلى أكثر من سبعة ملايين عامل غير سعودي أو ربما أكثر وتباين المهن المطلوبة وحاجة مختلف القطاعات الاقتصادية من طب وتعليم وصيانة وتشغيل وغيرها نعيش قصصاً متوالية، بعضها وصل خطرها إلى حياة الإنسان كالطبيب غير المؤهل والسائق غير المدرب. وليس هذا شأننا في هذه السطور بل التركيز هنا على الهدر الاقتصادي الذي ولده قيام عامل أو موظف بعمل ليس من تخصصه. وفي ظل غياب وجود العمالة - خصوصاً تلك التي تقوم بأعمال حرة - تحت مظلة مؤسساتية، فإن المسؤولية تكون تحت طائلة العامل هذا، منتهين بشجار بين صاحب العمل والعامل إذا لم يجد ما طلب منه من عمل. إن العمالة غير المنظمة (وليس النظامية) لهي واحدة من أكبر ما ابتلي به اقتصادنا في فتح ثغرة نحو هدر اقتصادي متعدد المصادر. فمن خراب للأجهزة والسيارات والمعدات إلى القيام بأعمال ليست هي مهنة المستقدم من أجلها وللأسف في بعض الأحيان بتشجيع مباشر أو غير مباشر من المواطن نفسه أو من صناع تلك الخدمة المقدمة. وبالمناسبة لسنا بصدد التستر، فهدا أمر بكل تأكيد مخالف للنظام بل هم عمالة بإقامات نظامية ولكن مثلما يقال ويشتكي منه المجتمع بتحول اقتصادنا إلى أكبر سوق تدريب للعمالة الأجنبية. وليس الأمر يقتصر على ذلك بل إن السوق فيها من الثغرات ما يؤهل لكسب الملايين من الأموال. فمثلا من أطرف ما شهدت أن أحد العمال المشتغلين نظاما في شركة كبيرة صار موزع تجزئة لأقرانه من العمال في بيع دقائق مكالمات هاتفية لينتهي إلى جمع آلاف الريالات بل مئات الآلاف!!! والقصة تأتي على النحو التالي: فهذا العامل يشتري بطاقات المكالمات المسبوقة الدفع وكل ذلك نظاماً ويحول رصيداً جزئياً منها لمن أراد من العمال شراء دقائق معدودة في حين أن تلك البطاقة مثلاً هي من بطاقات المكالمات التي تعطي عليها الشركة المصدرة وقتاً إضافياً كنوع من التسويق مثل شراء بطاقة بـ 60 دقيقة ورصيدها 90 دقيقة ليبيع الـ 30 دقيقة مجزأة أو كلية على الآخرين. بالطبع لا يمكن أن تلام الشركة المصدرة ولا العامل غير أن استنكاري أن العامل لم يستقدم ليبيع دقائق هاتفية من بطاقات المكالمات وعلى ذلك يمكن القياس من بيع للماء أو الحلوى أو الخضار أو من عمل طباخاً خارج الدوام أو سائقاً أو مبرمج أطباق فضائي وغير ذلك، فلا غرابة أبدا أن يجيء مستقدم بمهنة عامل وينتهي بفني كهرباء!!! إنني أرى أنه وللحد من ذلك الهدر سواء في استغلال فرص في السوق أو جراء القيام بأعمال تخريب وليس الإصلاح أن تكون هناك شهادات محلية تصنف العامل بعد إجراء الاختبار اللازم له ونجاحه ليمارس ذلك العمل في السوق. ولتكن تلك الشهادة على هيئة بطاقة معتمدة لكي يطمئن المواطن على الأقل بأن لدى ذلك العامل أبجديات هذه المهنة وإلا سنستثمر في ذلك الهدر الاقتصادي في كون سوقنا حقل تجارب للعمالة غير المؤهلة.
إنشرها