Author

هل الوفاق غير مدرج على الأجندة في تايلاند؟

|
سيشهد التحرك من أجل إغاظة رئيس الوزراء التايلاندي السابق ثاكسين شيناواترا, الذي يعيش في المنفى حاليا, تحولاً رئيساً على المسرح العالمي، وذلك حين يبدأ الدبلوماسي كيتيفونج نا رانونج، المعروف بعدائه لرئيس الوزراء السابق, ممارسة مهامه كسفير لتايلاند في الولايات المتحدة في وقت متأخر من العام الحالي. وسيخلف هذا الدبلوماسي, الذي يشغل في الوقت الراهن منصب المدير العام لدائرة شرق آسيا في وزارة الخارجية، السفير دون برامودوياني, الذي سيتقاعد في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. ويقال إن تعيين السفير الجديد في واشنطن يحظى بالدعم الكامل من جانب كاسيت بيروميا وزير خارجية تايلاند. لقد اشتكى معسكر رئيس الوزراء السابق بالفعل من أن حكومة أبيهيست رئيس الوزراء الحالي، تحاول التلاعب بما يطلق عليه خطة التوافق، وذلك حتى تحتفظ بالوضع السياسي الحالي كما هو عليه. وأما أصحاب القمصان الحمر، فقد جادلوا من جانبهم بأن الحكومة الحالية ليست لديها نية التوافق مع أعدائها السياسيين، إذ يرون أن رئاسة رئيس الوزراء السابق، بانياراشوم، والناقد الاجتماعي برويز وازي، لجان الإصلاح الوطني تعد جانباً من استراتيجيات النخب في العاصمة للدفاع عن مصالحها. إن تعيين هذا السفير الجديد في واشنطن, التي هي الحليفة الرئيسة لتايلاند على الصعيد الدولي، يجعل ثاكسين يعتقد جازماً أن الحكومة الحالية تحاول الحصول على دعم واشنطن من أجل حملة جديدة ضده. ويستند ثاكسين في اعتقاده هذا على أن واشنطن ظلت، على الدوام، صديقة لقوى المؤسسة السياسية التقليدية في تايلاند. يحظى هذا السفير الجديد المعين ليمثل بلاده في الولايات المتحدة بقدر كبير من الاحترام في أوساط وزارة الخارجية في بانكوك. وعرف هذا الرجل البالغ 52 عاماً من عمره، بالبعد عن السخافات، والاستقامة في أسلوبه الإداري. وبينما ترى أوساط عدة من الدبلوماسيين الشباب أنه صاحب أخلاق نبيلة، فإن البعض يرون فيه شخصاً يعمل على تخويف الآخرين وإرهابهم. وهنالك كذلك من يعدونه قليل التجربة والخبرة. ويضاف إلى ذلك أن عدة جهات ترى أن ترقيته كي يبلغ مثل هذا المنصب الرفيع جاءت على خلفية سياسية، دون أن يكون ذلك التعيين مستنداً إلى كفاءات وقدرات فعلية. كان يعمل صحافيا قبل الانضمام إلى وزارة الخارجية، وحصل على شهادة الماجستير من جامعة تفتس. وبلغ مستوى المدير في عام 1995، حين تم تعيينه كي يكون رئيساً لإدارة الشؤون الصينية في وزارة الخارجية التايلاندية. وبعد ذلك بفترة قصيرة أصبح نائب مدير المدير العام لشؤون منظمة الآسيان، ثم أصبح بعد ذلك مديراً عاماً لشؤون التنظيم الدولي. وتم تعيينه سفيراً في فيتنام في عام 2006. وحين قام الحزب الديمقراطي بتشكيل الحكومة الحالية تم استدعاؤه ثانية كي يعمل في مقر رئاسة الوزراء، وذلك من قبل صديقه وحليفه، كاسيت. حين اندلعت الاشتباكات بين الشرطة، وتحالف القمصان الصفر من أجل الديمقراطية في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2009، أمام مبنى البرلمان في العاصمة, أرسلت وزارة الخارجية رسائل إلى جميع بعثاتها الدبلوماسية في الخارج، وطلبت منها تقديم تفسير مقبول لدى الأوساط الخارجية لتلك الأحداث الدامية التي أسفرت عن مقتل اثنين من أتباع ذلك التحالف. ورفض السفير كيتيفونج تعليمات وزارة خارجية بلاده، كما أنه أثار عدداً من الأسئلة التي انتقدت التصرفات الخشنة للغاية من جانب قوات الشرطة. وجرى تسريب رسالته إلى وزارة الخارجية فيما بعد إلى وسائل الإعلام في البلاد. وتساءل هذا الدبلوماسي على وجه الخصوص: لماذا لجأت قوات الشرطة إلى استخدام العنف الشديد ضد أولئك المتظاهرين أمام البرلمان، مع أنه كانت لديها خيارات عدة بعيداً عن اللجوء إلى استخدام العنف؟ نقلت عدسات مصوري التلفزيون صور استخدام الغاز المسيل للدموع من جانب قوات الشرطة ضد المتظاهرين، بصورة مباشرة، وظهرت الصور في مختلف أنحاء العالم. وتساءل هذا الدبلوماسي: هل كان الغاز المسيل للدموع السلاح الوحيد الذي قامت قوات الشرطة باستخدامه لمواجهة أولئك المتظاهرين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا فقد عدد من المتظاهرين أطرافهم، ولماذا فقد آخرون حياتهم كذلك؟ ورأى هذا الدبلوماسي أن من المستحيل حماية سمعة قوات الشرطة في بلاده. وجاء في رسالته الموجهة إلى وزارة خارجية بلاده أن عدم نقل الحقيقة يعرض البعثة الدبلوماسية لمخاطر فقدان الصدقية. وأضاف أن الصدقية هي أهم ما لدى أي بعثة دبلوماسية. وقد تكون هذه الرسالة الاحتجاجية المتضامنة مع المنتمين إلى هذا الحلف، إضافة إلى الدعم الكبير من جانب وزير الخارجية، السبب المباشر لتعيين هذا الدبلوماسي سفيرا لبلاده في واشنطن. وذكرت صحيفة "بانكوك بوست"، خلال الفترة الأخيرة، أن هذا الدبلوماسي بعث بباقة ورد كتحية للعميدة السابقة لكلية العلوم السياسية في جامعة شولالونجكورن، وذلك لإظهار دعمه لها في إطار معارضتها السافرة لثاكسين. إن توقيت وصول هذا السفير الجديد إلى واشنطن مقصود كذلك، حيث إن معسكر ثاكسين زاد نشاطه اعتباراً من الشهر الماضي لإرسال رسائل عبر شخصيات إدارية وقانونية في العاصمة الأمريكية، كما أن محاميه، ووزير خارجيته السابق، كان في العاصمة الأمريكية في الأسبوع الماضي، حيث قال إنه تلقى دعوة من جانب مفكرين وأكاديميين وعاملين في وسائل الإعلام، وذلك لإبداء وجهات نظره إزاء الأوضاع القائمة في تايلاند. واستغل هذا الظرف كذلك لشن حملة معادية لحكومة تايلاند على خلفية العنف الذي استخدمته قوات الشرطة ضد المتظاهرين من أصحاب القمصان الحمر. من الواضح تماماً أن حدود المعركة الدائرة بين الحكومة الحالية في بانكوك وثاكسين، تتجاوز نطاق تايلاند. وسيكون من بين مهام السفير التايلاندي الجديد في واشنطن الحصول على دعم من جانب الحكومة الأمريكية لمزيد من الإجراءات ضد جماعة ثاكسين. وجرى اتهامه بأنه كان وراء إنشاء شبكة إرهابية، ولذلك ازدادت صعوبات تحركه من مكان إلى آخر. وتم إحراج الحكومات الأجنبية التي اعتادت صداقة النخب الحاكمة في بانكوك بعد توجيه مثل هذه التهم إلى ثاكسين. ويبدو أن على هذه الحكومة أن تتبع سياسة معادية لثاكسين، وذلك كثمن للحصول على علاقات مميزة مع النخبة السياسية الحاكمة في بانكوك في الوقت الراهن. إن التحركات التكتيكية من قبل الجانبين المتمثلة في تعيين هذا الدبلوماسي سفيرا في واشنطن، والرسائل التي يوجهها أنصار ثاكسين في العالم ضد الحكومة الحالية في بانكوك، تشير إلى أن خطة التوافق يمكن أن يكون مصيرها الفشل. ومن عوامل فشل هذه الخطة أن الحكومة لجأت إلى مزيد من خطوات انعزال ثاكسين، بدلاً من دعوته ليكون جزءا من مبادرة الوفاق الجديدة. وإذا كانت المهمة الفعلية لسفير تايلاند الجديد في واشنطن هي الاستمرار في مطاردة ثاكسين، فإن ذلك يعني أن الصراع في تايلاند سيبقى بعيداً على الحل، ولا سيما إذا دعت السلطات الحاكمة جهات أجنبية للدخول في اللعبة السياسية. خاص بـ «الاقتصادية» حقوق النشر: OPINION ASIA

اخر مقالات الكاتب

إنشرها