Author

وزارة الصحة وضرورة إعادة الهيكلة التنظيمية

|
مختص في التمويل والتنظيم وأكاديمي
الأسبوع الماضي نشرت بعض الجرائد التغيرات الإدارية في وزارة الصحة. في اعتقادي أن وزارة الصحة في حاجة إلى إعادة هيكلة لا مجرد تغييرات إدارية, فقبل أكثر من عام ذكرت بعض النقاط التي يحتاج وزير الصحة إلى وضعها ضمن أجندة وزارته لرفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمريض, وكان عنوان المقال "د. الربيعة بين فصل التوائم وفصل الترهلات الإدارية", لكني لم أتطرق إلى أهمية إعادة هيكلة وزارة الصحة نظرا لانعكاس الهيكلة على كل النقاط السابق ذكرها في المقال السابق. مثلا وزارة الصحة من الوزارات التي استحوذت على نصيب الأسد من ميزانية الدولة السنوية, لكن على الرغم من ضخامتها لم يتم النظر في إعادة هيكلها التنظيمي من أجل تحقيق أقصى درجات الاستفادة من هذه الميزانيات. لا شك أن التحول من المركزية إلى اللامركزية أحد الخيارات المطلوبة والمطروحة ليس فقط لوزارة الصحة, بل لكل الوزارات. لكن التحول من المركزية إلى اللامركزية يتطلب جهدا ووقتا قد يطول من أجل تحقيق أهدافه. لذا فإن ما سأطرحه في هذا المقال لا يتطلب وقتا طويلا لتنفيذه في الوقت الذي يساعد على تسريع اتخاذ القرارات والتكيف من المتغيرات. كما يخبرنا علماء التنظيم الإداري أن إعادة التنظيم الإداري يهدف منه تسريع تنفيذ القرارات وإعادة ترتيب أولوية القرار الإداري وفق معطيات مرحلة جديدة, فالوزارة في حاجة إلى إعادة الهيكلة, خصوصا أن التنظيم الإداري لوزارة الصحة لم يتغير منذ أكثر من عقد من الزمان. على الرغم من كون وزارة الصحة من الوزارات التي لديها مهام متشعبة ومتعددة ومتجددة, فالوزارة لها أدوار رقابية وتشريعية وتنفيذية, كما أن للوزارة أدوارا علاجية ووقائية وتنفيذية وتأهيلية. على الرغم من كل هذه الأدوار المتجددة والمعقدة والمتشعبة والحرجة, لكن وزير الصحة ليس له نواب أسوة بالوزارات الأخرى, التي تشابه وزارة الصحة في كونها تصنف مجازا من الوزارت الخدماتية. كما أن هناك وزارات أقل حجما ومخرجات من وزارة الصحة, لكنها تتمتع بوجود نواب للوزير كوزارة العمل. في اعتقادي أن وزارة الصحة, إن لم تكن أولى من غيرها من الوزارات لإعادة صياغة هيكلها التنظيمي, فإنها مساوية لها في الاحتياج, من أجل أن تستوعب وزارة الصحة المهام التي زادت من مهامها, خصوصا بعد تطبيق الضمان الصحي التعاوني. فإذا كان لوزارة التربية والتعليم نائبان لشؤون البنات والبنين, إضافة إلى نائب لوزير التربية والتعليم، فإن وزارة الصحة في حاجة إلى نواب للوزير لشؤون التشغيل وللشؤون الطبية ولمراكز الرعاية الأولية, كما أن الوزارة في حاجة إلى وكالة لشؤون القطاع الصحي الخاص, الذي يتوقع منه نمو متواصل خلال الفترة المقبلة. لا أريد أن أسترسل في رسم ملامح الهيكل الإداري المنشود لوزارة الصحة, لكن أحببت فقط الإشارة إلى ضرورة إعادة هيكلتها, فمثلا لا شك أن الاعتماد المالي لوزارة الصحة لإنشاء وزيادة أعداد مراكز رعايتها الأولية إلى أرقام فلكية يحتم على الوزارة أن يكون لها نائب للوزير لمراكز الرعاية الأولية ويضم إليه الطب الوقائي والتوعية الصحية وغيرها من الخدمات والبرامج المشابهة. في اعتقادي أن الانطلاقة الصحية لبرامج التثقيف الصحي تبدأ من الأحياء وعبر مراكز الرعاية الأولية, كما بسطت الحديث حوله في أكثر من مقال. كما أن استرجاع الثقة بمستوى خدمات مراكز الرعاية الأولية يبدأ بتقوية مركزها الإداري. لا شك أن تطبيق الضمان الصحي التعاوني يفرض على وزارة الصحة تفعيل دور مستشفيات القطاع الخاص وفق معايير تساعد على مشاركتها الإيجابية في توفير الخدمة الصحية المتوقعة من متلقيها, وهو المريض. القطاع الصحي الخاص في حاجة إلى زيادة الجرعة الرقابية عليه والتأكد من تقديمه مستوى عاليا من الخدمة, وكذلك تسهيل الاستثمار في هذا القطاع, خصوصا أن القطاع الصحي الخاص يحب أن يكون شريكا في تقديم الرعاية الصحية. كما أن القطاع الخاص يستحوذ على أكثر من20 في المائة من مجمل الخدمات المقدمة. التشكيل الإداري الحالي يغرق الوزير في متابعة العمل اليومي لمشكلات تبدأ ولا تنتهي على حساب تركيزه في النظر إلى مستوى الخدمة وتقييمها من أجل الوصول إلى توقعات المستفيدين من الخدمة. كما أن الوزير طبيب وجراح عالمي قد تغرقه الوزارة بمشكلاتها وهمومها وتحول دون مزاولته المهنة التي أحبها وأصبح رائدا من رواد عمليات فصل التوائم. وزارة الصحة في حاجة إلى تنظيم إداري يساعد الوزير على بناء فريق عمل متكامل يسهل مهامه, خصوصا والدكتور عبد الله قد صرح في أكثر من مناسبة بأنه يؤمن بالعمل الجماعي المبني على تكامل المهارات والخبرات. لذا, فالوزارة في حاجة ماسة إلى إعادة هيكلتها من أجل مرحلة جديدة مشرقة - بإذن الله - ينعكس نفعها على الموطن بشكل سريع.
إنشرها