Author

أسواق الغاز الطبيعي المسال في ظل زيادة العرض وانخفاض الطلب

|
يشهد فصل الصيف عادة تدني الطلب على الغاز الطبيعي المسال، ما يؤدي إلى خفض مستويات استغلال خطوط تسييل الغاز الطبيعي بصورة كبيرة. كما أن استمرار نمو طاقات تسييل الغاز من المشاريع الجديدة والقائمة سيضيف تحديا آخر إلى صناعة الغاز الطبيعي المسال في فصل الصيف المقبل، حيث تعمد الصناعة عادة إلى إجراء عمليات الصيانة الدورية للتخفيف من أعباء تدني الطلب. في الوقت نفسه على صناعة تسييل الغاز التعامل مع تحديات أخرى، مثل الزيادة الكبيرة في الطاقات الإنتاجية لتسييل الغاز، الكساد الاقتصادي الكبير الذي أدى إلى تراجع استهلاك الغاز الطبيعي على مستوى العالم بصورة عامة، وزيادة إمدادات الغاز من المصادر غير التقليدية في أمريكا الشمالية, خصوصا من صخور السجيل الغازي. علاوة على ذلك يتوقع عديد من المشترين للغاز الطبيعي المسال التوصل إلى خفض الكميات المتعاقد عليها في العقود طويلة الأجل. وعليه من المتوقع أن تكون مستويات استغلال طاقات خطوط تسييل الغاز الطبيعي قرب المستويات المنخفضة التي شهدتها صناعة تسييل الغاز في الربعين الثاني والثالث من عام 2009، عندما بلغت نسبة الاستغلال أقل من 82 في المائة. في ظل هذه التحديات سوق الغاز الطبيعي المسال العالمية ستتصرف كما هو متوقع نظرا لوفرة الإمدادات. حيث سيقوم المجهزون بتوجيه الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا وآسيا متجنبين الأسعار المنخفضة نسبيا في أسواق أمريكا الشمالية. كما سيواصل المشترون والبائعون مناقشة شروط العقود، لكن من غير المتوقع حدوث تغييرات جذرية في هيكل العقد، ربما الاتفاق على بعض التغييرات البسيطة في التسعير وشروط التسليم. في الآونة الأخيرة طاقات استغلال خطوط تسييل الغاز الطبيعي كانت أقل من مستوياتها الطبيعية، نتيجة التوسع السريع والكبير في الطاقات الإنتاجية على مدى العامين الماضيين. حيث بلغ متوسط استخدام الطاقات المتاحة نحو 85 في المائة فقط عام 2009، مع أشهر الربعين الثاني والثالث، كانت عند أدنى مستوياتها قرب 82 في المائة. واردات الغاز الطبيعي المسال لعام 2010 من المتوقع أن تتجاوز واردات عام 2009 بنحو 4.5 مليار قدم مكعبة في اليوم الواحد، حسب معظم التوقعات. لكن في الوقت نفسه طاقات التسييل المتاحة من المتوقع أن تكون أكبر بنحو 5.0 مليار قدم مكعبة يوميا عما كانت عليه عام 2009 نتيجة نمو طاقات تسييل الغاز من المشاريع الجديدة والقائمة. وبالتالي، على الرغم من أن طاقات التسييل المتاحة ستكون أكبر قليلا عام 2010، إلا أن معدل استغلال خطوط تسييل الغاز الطبيعي ستتحسن بصورة طفيفة، حيث من المتوقع أن تبلغ نحو 86 في المائة في هذا العام. لكن استغلال خطوط تسييل الغاز الطبيعي للربعين الثاني والثالث من عام 2010 من المتوقع أن تكون عند مستوى عام 2009 نفسه, أي نحو 82 في المائة. هذا الفائض في الطاقات الإنتاجية وضع أسواق الغاز المسال والموردين، في موقف صعب من حيث إدارة إمدادات الغاز الطبيعي المسال, خصوصا في فصل الصيف المقبل. لكن بعض مشكلات الإنتاج في نيجيريا وموسم الصيانة في كل من النرويج، أستراليا, وقطر ساعدت على تقليص بعض إمدادات الغاز الطبيعي المسال من الأسواق العالمية. على سبيل المثال بدأت شركة شتات أويل النرويجية برنامج صيانة صيفي موسع، ما أدى إلى تقليص التصدير إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب. نتيجة لذلك انخفضت واردات المملكة المتحدة من الغاز خلال أيار (مايو) الماضي. لكن هذه العوامل مجتمعة خفضت بشكل هامشي فقط من ضغط وفرة الإمدادات على الأسواق. في عام 2009 استوعبت أوروبا, خصوصا المملكة المتحدة, حصة الأسد من الفائض في إمدادات الغاز الطبيعي المسال في العالم. أما في عام 2010 فمن المتوقع أن تواصل شحنات الغاز الطبيعي المسال التي تسعى للحصول على أسواق لها, الاستجابة لمؤشرات الأسعار كما كانت عليه دائما، حيث كثير من الغاز الطبيعي المسال المتاح سيتم توجيهه إلى الأسواق الأوروبية. حيث ارتفعت الأسعار في أسواق المملكة المتحدة وذلك لعدة أسباب منها: إعادة بناء خزين الغاز في المملكة المتحدة تتطلب كمية إضافية من الغاز، انقطاع الإمدادات النرويجية إلى المملكة المتحدة، درجة الحرارة كانت أقل من المعتاد في أيار (مايو), وغيرها. إن الارتفاع الحاد في الأسعار سمح لسوق الغاز في المملكة المتحدة بالحفاظ على فرق ثابت وكبير غير متوقع في الأسعار عن سوق هنري في الولايات المتحدة منذ أواخر نيسان (أبريل). نتيجة لذلك ظلت واردات المملكة المتحدة من الغاز الطبيعي المسال قوية، حيث بلغت في المتوسط أكثر من 1.8 مليار قدم مكعبة يوميا منذ الأول من نيسان (أبريل), كما أن أسعار الغاز في سوق المملكة المتحدة ارتفعت لعدة أيام في منتصف أيار (مايو) أعلى من الأسعار الفورية في الأسواق الآسيوية. هذا الارتفاع في سوق المملكة المتحدة اجتذب اهتمام مسوقي ومشتري الغاز الطبيعي المسال على حد سواء، مع وجود بعض التكهنات التي تشير إلى أن هذا الارتفاع الحاد في الأسعار، إذا ما استمر، قد يكون بالقوة الكافية لتحويل شحنات الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الآسيوية إلى أسواق المملكة المتحدة. على الأرجح، هذا الارتفاع القوي في أسعار الغاز في أسواق المملكة المتحدة قد يشجع الموردين على الانتهاء من عمليات الصيانة في وقت أقرب مما كان مخططا له. هذا ومن المتوقع أن تزداد واردات الغاز الطبيعي المسال الأوروبية بنحو 1.4 مليار قدم مكعبة في اليوم لتصل إلى 8.2 مليار قدم مكعبة يوميا عام 2010، حيث أكثر من نصف الزيادة من المتوقع أن تتركز في المملكة المتحدة. أما في آسيا فمن المتوقع أن تنمو واردات الغاز الطبيعي المسال عام 2010، خلافا لما حدث عام 2009، عندما انخفضت واردات آسيا من الغاز الطبيعي المسال بنحو 0.5 مليار قدم مكعبة في اليوم، تركز معظم الانخفاض في واردات اليابان وكوريا الجنوبية. هذا ومن المتوقع أن تصل واردات الغاز الطبيعي المسال في آسيا إلى 17.0 مليار قدم مكعبة في اليوم الواحد عام 2010، أي بزيادة تقدر بنحو 1.7 مليار قدم مكعبة في اليوم الواحد على عام 2009. وسيكون الدافع في المقام الأول وراء الزيادة في واردات آسيا من الغاز السائل ارتفاع الكميات التعاقدية، لكن شحنات السوق الفورية سيكون لها أيضا دور في هذه الزيادة مع تحسن اقتصادات دول آسيا. حتى وقت قريب كانت الأسواق الفورية الآسيوية لشحنات الغاز تتميز بانعدام التعاملات، لكن مع تحسن اقتصاداتها، هناك أدلة متزايدة على نمو الطلب فوق المستويات المتعاقد عليها. مع ذلك، وجود وفرة من الإمدادات يشير إلى أن الأسواق الآسيوية الفورية هذا الصيف سيكون عليها التنافس مع أسواق المملكة المتحدة المرتفعة. مع بقاء أسعار الغاز في سوق هنري في الولايات المتحدة في حدود أربعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، أصبحت أسواق أمريكا الشمالية الملاذ الأخير للموردين، وإحدى الأسواق التي يحاول الموردون تجنبها باستمرار. حيث من المتوقع أن يستمر البائعون للغاز الطبيعي المسال في توريد شحنات الغاز إلى أسواق خارج أمريكا الشمالية إذا ما كان ذلك ممكنا. عليه من المتوقع أن ترتفع واردات الغاز الطبيعي المسال إلى أمريكا الشمالية بصورة متواضعة جدا عام 2010، هذا وستتركز الزيادة في المقام الأول في كل من كندا والمكسيك. في حين من المتوقع أن ترتفع واردات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال بصورة هامشية في عام 2010. لكن ضغط وفرة الإمدادات على الأسواق العالمية للغاز الطبيعي المسال من المتوقع أن يخف في عام 2011، حيث مستويات استغلال خطوط تسييل الغاز الطبيعي من المتوقع أن تبلغ أكثر من 87 في المائة. لكن على الموردين الانتظار حتى عام 2012 لتبدأ أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية تعكس حالة من التوازن بين العرض والطلب بما يتفق ومعدلات استغلال خطوط تسييل الغاز الطبيعي التقليدية. في هذا الجانب يذهب بعض المحليين أبعد من ذلك، حيث تشير توقعاتهم إلى أن الطلب على الغاز الطبيعي المسال في الأسواق الجديدة يمكن أن يفوق النمو في الإمدادات بحلول عام 2012، حينها أسواق الغاز المسال العالمية يمكن أن تشهد اختلالا في التوازن بين العرض والطلب لمصلحة الطلب من منتصف إلى نهاية ذلك العام. لكن هذه التوقعات تجابه بحقيقة أنه خلال الفترة بين عام 2010 وعام 2013، هناك عدد من مشاريع الغاز الطبيعي المسال من المتوقع أن تبدأ في الإنتاج في كل من قطر، الجزائر إندونيسيا، اليمن، روسيا، أستراليا، بابوا غينيا الجديدة, وبيرو. ففي عام 2010 من المتوقع أن يبدأ تشغيل مشاريع جديدة واستمرار تراكم الإنتاج من مشاريع سابقة، معظم الزيادة في الإنتاج من المتوقع أن تأتي من قطر، نيجيريا، إندونيسيا, وروسيا وبدرجة أقل من كل من بيرو والجزائر. طاقات تسييل الغاز الطبيعي في عام 2010 والأعوام اللاحقة من المتوقع أن تزداد أيضا. * المقال يعبر عن رأي الكاتب الشخصي وليس بالضرورة أن يمثل رأي الجهة التي يعمل فيها.
إنشرها