Author

كأس العالم في السعودية

|
أتابع كغيري البطولة التاسعة عشرة لمونديال كأس العالم، الذي يقام لأول مرة هذا العام في قارة إفريقيا وتحديداً في جنوب إفريقيا، حيث انطلقت الفعاليات قبل نحو أسبوعين وكان الاستعداد لها كبيراً على المستويات كافة، خصوصاً العائلية فالبعض حرص على أن يجد حلاً لموافقة هذه البطولة مع الامتحانات وذلك من خلال تخصيص مواعيد معينة سمح فيها للأبناء بمشاهدة التلفاز والبعض فضل عدم فتح هذا الباب مطلقاً ومنع الأبناء من المشاهدة والاكتفاء بمعرفة النتائج ومشاهدة الأهداف، وآخرون لم يهتموا بالأمر مطلقاً بل قاموا بشراء شاشات كبيرة للاستمتاع بمشاهدة المباريات، ولعل السؤال الذي قد يكون تردد على أذهان البعض لماذا يقام المونديال هذا العام في جنوب إفريقيا؟ ويكبر هذا السؤال ونحن نرى قطر تكثف الحملة الدعائية الخاصة بدعم ملفها لاستضافة المونديال في عام 2022؟ بل ويطرح سؤال آخر: ما الذي يمنع أن يأتي اليوم الذي تنظم فيه المملكة العربية السعودية كأس العالم؟ وللمونديال أهمية كبيرة فهو مناسبة تقام كل أربع سنوات ويتابعها أكثر من نصف سكان العالم من خلال الوسائل الإعلامية ويحضر لمشاهدتها مئات الآلاف من السياح ليقضوا أكثر من شهر كامل، وقد تمكنت جنوب إفريقيا من الفوز باستضافة كأس العالم في ثاني ترشيح لها وبفارق صوت واحد، وبغض النظر عما يصاحب هذه الترشيحات من أمور سياسية وغيرها تتعلق بالقائمين على الاتحاد الدولي لكرة القدم فإن جنوب إفريقيا قد فازت بهذا التنظيم الذي من المتوقع أن يساهم في تحقيق عوائد مالية لا تقل عن 13 مليار دولار. لقد فازت جنوب إفريقيا بتنظيم كأس العالم لعام 2010 وهي تحتفظ بأكبر معدل جريمة في العالم ويموت فيها كل 30 ثانية شخص بالإيدز وعدد سكانها 44 مليون نسمة، منهم 40 في المائة تحت خط الفقر وتصل نسبة البطالة لديهم إلى 24 في المائة ويعاني الناتج المحلي فيها انكماشا بنسبة 1.8 في المائة عن العام الماضي، ولا شك أن وضعنا وأوضاع كثير من الدول الإسلامية والعربية من ناحية اقتصادية أفضل بكثير من وضع جنوب إفريقيا مما يجعل مثل هذا التساؤل حاضراً. ولعل هناك من يشير إلى أن مثل هذه المناسبات الدولية تحتاج إلى بنية تحتية في المدن من ماء وكهرباء واتصالات وهي غير موجودة، كما تحتاج إلى طرق سريعة وخدمة طيران مميزة، إضافة إلى مستوى عال من الخدمات الفندقية والملاعب الترفيهية وغيرها من المتطلبات الرئيسة في تأشيرات الدخول والتي يجب أن تضاف إلى ملفات الدول التي تتقدم للفوز بهذا التنظيم بما في ذلك الخبرة الإدارية والكوادر البشرية المؤهلة لمثل هذه الأمور. قد يكون هذا حلماً وقد تكون فكرة غير منطقية أن تنظم السعودية كأس العالم لاعتبارات كثيرة ولكن يجب علينا إن أردنا أن نتقدم إلى مصاف الدول الكبرى وإلى العالم الأول أن نحلم من الآن وأن نسعى لتحقيق أحلامنا وأن نجعل مكافحة الفساد والاستثمار في تنمية الكوادر البشرية في مقدمة أولوياتنا حتى نصل إلى المستوى الذي يساهم في تحقيق هذه الأحلام الكبيرة، فها هي جنوب إفريقيا كانت قبل نحو 15 عاما من اليوم تعاني على النظام العنصري وهي اليوم تنظم إحدى أكبر المسابقات الدولية وأنا أعتقد أننا يجب أن نعمل وعلى مدى الخمس عشرة سنة المقبلة على أن نكون دولة قادرة على تنظيم فعاليات دولية مثل كأس العالم ليس لغرض التنظيم بل لغرض أن يكون لدينا بنية تحتية متكاملة وأن يكون لدينا خدمات فندقية مميزة، وعلى الرغم من أهمية مثل هذه الفعالية الرياضية فإن لدينا ما هو أهم منها وهو الحرمان الشريفان مكة والمدينة وموسم الحج والعمرة. عندما أرى جنوب إفريقيا تنظم كأس العالم أسأل نفسي: ماذا لدى جنوب إفريقيا لكي تنظم هذه المناسبة العالمية؟ فيأتي الجواب: وما الذي يمنع وطني من أن ينظم مثل هذه المناسبة العالمية؟
إنشرها