Author

ما هي صورتك الحالية؟؟

|
كل شخص منا يعمل ويشعر ويتصرف في حياته بطريقة تتسق تماما مع صورته الذاتية، بصرف النظر عن واقعية تلك الصورة، وسواء أدركنا ذلك أم لا فإن كلا منا يحمل مخططا عقليا أو صورة لأنفسنا مرسومة حتى آخر تفاصيلها، وصورة الذات هذه هي مفهومنا لنمط ''الشخص الذي أكونه''، وقد تم بناؤها من خلال طبيعة اعتقاداتنا عن أنفسنا، التي تم تكوين معظمها من جراء خبراتنا القديمة، وعبر حالات نجاحنا أو فشلنا، وبمجرد أن تدخل فكرة أو اعتقاد عن أنفسنا في هذه الصورة تصبح ''حقيقية'' لأننا لا نشك بصحتها ونواصل التصرف بناء عليها كما لو كانت حقيقة ثابتة. إننا جميعا نعرف مدى مراوغة طبيعة الإحساس بجدارة الذات، تلك الغريزة المدمرة التي تنحو بنا نحو التركيز على حالات الفشل وخيبة الأمل ونسيان أو عدم اعتبار حالات نجاحنا، فبدلا من أن نقول لأنفسنا ''لم أوفق في الحصول على تلك الوظيفة التي أردتها'' فإننا نصل إلى نتيجة ''إنني فاشل''، وبدلا من التفكير بأن ''تلك العلاقة لم تثمر'' فإننا نخبر أنفسنا بأنه ''لا أحد يريدنا''، ولقد تعودنا أن ننصت دوما لذلك الصوت الذي يخبرنا ''إنني لست جيدا بدرجة كافية''، وكنتيجة لهذا التدعيم السلبي للذات فإننا نحاصر أنفسنا خلف جدران من الخوف والقلق والإحساس بالذنب، وكراهية الذات، وليس لدينا أية إشارة نحو كيفية إيجاد طريق للخروج. إن الوصول إلى صورة ذات إيجابية - بدلا من تلك الغريزة المدمرة الميالة للتشويه - هو أمر يدخل في نطاق إمكانية كل رجل وامرأة وطفل، وهذا ما جعل بعض الدول والجهات تركز عليها كحل لكثير من مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية، ففي عام 1986 عهدت ولاية كاليفورنيا إلى تكوين لجنة تتضمن علماء في علم النفس ومتخصصين في التربية والتعليم واستشاريين في تربية الأطفال وأطباء بشريين ومحترفين آخرين، وأطلقت عليها اسم ''قوة عمل كاليفورنيا'' وذلك لكي توجد أسلوبا جديدا لحل المشكلات بمسمى ''خطة عمل ودعوة للعمل'' وكان الاجماع على اعتبار تطوير صورة الذات هو حجر الأساس في خطتهم وتم تعريفها بأنها: ''تقدير جدارتي وأهميتي وامتلاك الشخصية المسؤولة عن ذاتي والتصرف بمسؤولية تجاه الآخرين''. كما عمد مجتمع الأعمال كذلك إلى تقبل هذه الفكرة، ذلك أن البيئة الحديثة للمؤسسات قد اجتازت تغيرا دراماتيكيا بعيدا عن الإدارة بغية السيطرة، بعد أن أدرك رجال الأعمال وبصورة متزايدة أن رأس المال والتقنية موارد مهمة، إلا أن الأفراد هم الذين يصنعون أو يدمرون الشركات، ففي كتابه ''مدير الدقيقة'' الواحدة the one minute manger عمد المؤلفان كين بلانشارد وسبنسر جون إلى تحفيز المديرين على الإمساك بالموظفين وهم يعملون شيئا جيدا وتشجيعهم على ذلك. أما في مجال التربية والتعليم فقد أثبت الكثير من الدراسات والأبحاث أن تطوير صورة الذات لدى الطالب تعمل بشكل قوي على تغير أدائه وتحسن معدله الأكاديمي، وفي الفيلم الذي روى قصته الحقيقية stand and deliver وجد جيمي اسكلانت وهو مدرس في لوس أنجلوس أن احترام الذات لدى الطلاب الأمريكيين من أصل مكسيكي كان أعظم عائق لديهم لإتقان مادة الرياضيات على مستوى الكلية، وبمجرد إقناع هؤلاء الشباب بمقدرتهم على النجاح فإن هؤلاء الطلبة المراهقين المتفوقين الذين كانوا يوصفون بالفاشلين استطاعوا تحقيق نجاح باهر. إن صورة ذاتك هي التي تضع القيود لما يمكنك أو لا يمكنك إنجازه، أي ''منطقة الممكن''، ومن خلال توسيع صورتك فإنك توسع حدود مواهبك وإمكانياتك، فما هي صورتك الحالية؟
إنشرها