Author

آثار زيادة تعريفة الكهرباء

|
كان الإعلان عن التعريفة الجديدة لشركة الكهرباء الحدث الاقتصادي الأبرز محليا خلال الأسبوع الماضي. وتحظى التغيرات في أسعار السلع والخدمات الأساسية ومنها تعريفة الكهرباء باهتمام جميع طبقات وقطاعات المجتمع تقريبا. وتُقابَل عادة الزيادات في أسعار مثل هذه السلع والخدمات في كثير من المجتمعات بعدم ترحيب شعبي واسع، حتى إن كان وراء هذه الزيادة أسباب موضوعية. والواقع أن رفع سعر التعريفة كان أمرا متوقعا في ظل استمرار تفوق تكاليف الشركة على إيراداتها بما فيها الإعانات الحكومية. ومع نمو الطلب على خدماتها بمعدل 8 في المائة سنويا في العقد الأخير، أصبحت شركة الكهرباء مطالبة بتوفير موارد ضخمة للقيام بالتوسعات التي يتطلبها نمو الطلب. وبسبب هذه الحقائق كنت أتوقع زيادة تعريفة الكهرباء منذ فترة، وكنت أنصح المقدمين على البناء بوضع هذا الأمر نصب اعتبارهم، فلا يزيدون في مساحات مبانيهم بأكثر من حاجاتهم الحقيقية، وأن يحرصوا في الوقت ذاته على تبني أنظمة العزل الحراري، واستخدام الأجهزة المنزلية الموفرة للطاقة. شملت الزيادة الجديدة ثلاثة قطاعات هي: الحكومي والصناعي والتجاري، واستبعد من الزيادة قطاعان: السكني والزراعي. ويبدو أن لهذه الزيادة غرضين أساسيين : الأول تشجيع القطاعات الصناعية والتجارية على إزاحة أحمالها عن فترات الذروة باستغلال الأسعار المحفزة لأوقات خارج الذروة. والغرض الثاني توفير إيرادات إضافية للشركة التي ستجمع بعد هذه الزيادة أكثر من ثلاثة مليارات ريال سنويا، وستستخدمها لمواجهة ديونها وبرامج التوسع في إنتاجها. والآن وقد أصبحت الزيادة في التعريفة حقيقة واقعة، ينبغي على الأطراف كافة تحمل مسؤولياتها على النحو التالي: 1 - على المستهلكين في القطاعات كافة أن يوطنوا أنفسهم على مختلف أساليب الاقتصاد في استهلاك الطاقة. 2 - يجب توسيع ومواصلة الدعم الذي تتحمله الحكومة لمصلحة فئات شرائح ذوي الدخل المحدود من منسوبي الضمان الاجتماعي, فقد بلغ عدد المشمولين بهذا البرنامج نحو 650 ألف أسرة, لكن لم يستفد منه حتى الآن إلا 200 ألف أسرة, والمؤمل سرعة شمول بقية الأسر في أقرب وقت. 3 - حتى تكون هناك استجابة فاعلة نحو التعريفة الجديدة من قبل المستهلكين كافة في كل القطاعات العائلية والصناعية والتجارية، يجب أن يشعر الجميع بأنهم يساهمون في تحمل تكاليف استهلاكهم، ومن ثم فلا بد من وضع ضوابط عادلة على الفئات التي تحصل على الكهرباء دون مقابل. 4 - شركة الكهرباء مدعوة بدورها لتحمل مسؤوليتها بمراجعة مصروفاتها وضغطها إلى الحد الأدنى مع استمرار العمل على رفع كفاءة أدائها. 5 - على هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج تهيئة بيئة مناسبة لتشجيع المنافسة في صناعة الكهرباء على مستوى التوليد والنقل والتوزيع. 6 - علينا تبني استراتيجية طاقة بعيدة المدى تشترك فيها كل الجهات ذات العلاقة، بما فيها مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة. وأخيرا يتساءل كثيرون بتخوف: هل يستطيع التجار والصناعيون تحميل المستهلكين الزيادة في تكاليف الكهرباء؟ هيئة الكهرباء تقول إن تكلفة الكهرباء لنحو 90 في المائة من الصناعيين لا تتجاوز 3 في المائة من تكاليفهم التشغيلية، ومع ذلك فالجواب عمن يتحمل التكلفة - كثرت أم قلت - يعتمد على مرونة طلب المستهلكين على منتجات هؤلاء التجار والصناع. فكلما تدنت مرونة طلب المستهلكين - بمعنى صعب عليهم تخفيض طلبهم على المنتجات التي زادت أسعارها - كان بمقدور المنتجين تحميل المستهلكين هذه الزيادة في تكاليف الكهرباء. وهذا ما سيحدث للسلع والخدمات المحتكرة أو التي لا يوجد بديل قريب لها. ماذا عن أرباح المساهمين؟ هل سترتفع؟ أعتقد أن الأرباح الصافية سترتفع بنحو نصف مليار ريال، لكني لا أتوقع زيادة الموزع منها على المساهمين في الأمد القريب على مستوى الـ 70 هللة الحالي، لأن أغلبية الزيادة في الإيرادات ستستخدم في تسديد ديون الشركة وتمويل توسعاتها في الإنتاج. الخلاصة سندفع أكثر مقابل الكهرباء وعلينا الاستعداد للواقع الجديد.
إنشرها