Author

الغاضبون من الماضي

|
يسرف البعض منا على نفسه وعلى المجتمع، حينما يتطرف وهو ينظر إلى الماضي بغضب. هذه النظرة لا مسوغ لها. الماضي في وقته كان زاهيا وجميلا، ولا يصح أبدا أن نحاكم هذا الماضي بمقاييس ومعطيات الحاضر. هناك مبررات عالمية تصوغ ذهنية وتفكير الجيل الجديد، وتجعله يعيش حالة عدم رضا عن بعض الأمور. لكن خلط الأوراق بشكل فكري يدخل في إطار التدليس والمغالطة التي لا تنسجم مع المنطق أحيانا. تحديث المجتمع علميا ومهنيا وفكريا هاجس مشروع للجميع، لكن هذه الخطوة التي أخذت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منحى أكثر وضوحا وبإيقاع أسرع، تحتاج إلى دعم من كل فرد وتحتاج أيضا إلى مزيد من الصبر وعدم التعجل، فما لا يأتي اليوم حتما ستشرق شمس الغد عليه بصورة أجمل. فالعجلة تسير بدعم من القيادة وتشارك فيها نخب المجتمع سواء من خلال مجلس الشورى أو القطاعات الحكومية التي تواجه متابعة وحسابا عسيرا من قائد هذه البلاد ومن أشقائه الميامين وبقية من يحملون عبء تنفيذ الاستراتيجيات والرؤى التي لا تأتي على حساب قطاع دون آخر، وهنا من الضروري قراءة الصورة من الأعلى حتى تظهر بكل ما فيها من تغيرات بناءة. الأمر الذي في ذهن هذا الشاب أو تلك الفتاة أو هذا الكهل لا يأتي بمجرد جرة قلم ثم فجأة تصبح كل الأمور طيعة ومتاحة. ثمة رأي عام يتطلب أخذه في الحسبان وثمة موارد وخطط مدعومة بالدراسات لما بعد اتخاذ هذا القرار أو ذاك. حتما لن يرضى كل الناس عن أداء هذا القطاع أو ذاك، لكن عدم الرضا لا يعني الإلغاء، بل يعني التغيير والتطوير. والبعض منا تكتنف رؤاه فكرة طفولية ساذجة مفادها بالعامية الدارجة (لعبوني معكم بشروطي أو راح أخرب عليكم). هنا تسود نظرة الغضب، والتركيز على السلبي، وتصوير الأمر وكأنه لا أحد يملك الحق والحقيقة سوى هذا الغاضب. لدينا كثير من الاستحقاقات المحلية والإقليمية والدولية القادمة، وهذه تأتي بشكل مرحلي، يتكئ على الماضي بكل عبقريته التي تجلت في وحدة هذه البلاد والحفاظ على مكتسباتها وإثرائها بمزيد من التحديث الذي يقوم على مواصلة تأسيس مجتمع المعرفة. أصبح المبتعثون لدينا خارج البلاد لنيل أعلى الشهادات نحو مائة ألف مبتعث ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين للمبتعثين. هذا مجرد عنوان من عناوين عدة تعطي مؤشرات للمستقبل الذي يتواصل نسجه من أجل غد أكثر جمالا وتألقا.
إنشرها