Author

السوق السعودي والتذبذب الحاد

|
انخفض السوق يوم الثلاثاء الماضي بطريقة أشبه ما تكون بالأفعوانية. والأفعوانية لمن لا يعرفها هي لعبة الرولر كوستر. ومن الواضح أنني أشرح الكلمة العربية للعرب عن طريق ترجمتها إلى الإنجليزية، وهذا دليل واضح على نجاح مجامع اللغة العربية في توحيد المفردات! عموما هذا الانخفاض لم يسبق إليه العرب حيث انخفض السوق الأمريكي قبلها بثلاثة أسابيع تقريبا قرابة الألف نقطة، قبل أن يرتد ليغلق منخفضا بقرابة 400 نقطة وهي أول مرة يفرح المستثمرون بانخفاض السوق لأربعمائة نقطة على رأي المثل القائل ''خوّفه بالموت يقنع بالحمى''. من الواضح أن هناك تذبذبا عاليا في الأسواق، وهو بلا شك ليس علامة جيدة لأنه غير مريح للمستثمرين، ولأن كثيرا من المستثمرين الذين يكرهون المخاطر سيبتعدون عن السوق لفترة. رياضياً كلما زاد التذبذب زادت المخاطر، ما يؤدي إلى انخفاض القيمة الحقيقية للأصول، ما يدعو إلى انخفاض أسعار الأسهم. والسؤال المهم هو هل التذبذب العالي لسوق الأسهم السعودي ومن ضمنها الثلاثاء الأسود هو بسبب ما يحصل في الأسواق العالمية؟ أم بأسباب داخلية وخصائص سوق الأسهم السعودي؟ في نظري أن الأسباب هي مزيج من الأمرين، فأولا كل الأسواق عانت من فقدان التوجه، إذ لا يبدو أن المستثمرين في كل أنحاء العالم قادرون على تقدير حجم المشكلات التي تعانيها الاقتصاديات، وتحديد توجه واضح للأسواق أو على الأقل العمل بشيء من الاستقرار والهدوء، وليسوا قادرين حتى على تقدير مدى نجاح الخطط التي تبذلها الحكومات لتحفيز النمو. ولكن في نظري أن السوق السعودي أيضا لا يزال يعاني قلة العمق، إذ لا يبدو أن العدد الكبير من الشركات الذي طرح خلال السنوات الماضية كان كفيلا بتعميق السوق بشكل كاف. ولذلك ربما نحتاج إلى إجراءات كفيلة بتعميق أكثر. أيضا لا يزال الأفراد يسيطرون على السوق، ما يجعل سوقنا يعمل بطريقة القطيع، وحتى بعض الصناديق الكبيرة لا تزال تدار بعقليات أفراد وليس بعقليات مؤسساتية. المضاربون الذين أغلقت هيئة السوق المالية أبواب الرزق ''الحرام'' عليهم لا يزال بعضهم موجودا. ونشاهدهم بين الفينة والأخرى في سهم يرتفع بطريقة غير مبررة ثم ينخفض مرة أخرى.
إنشرها